تزايدت في الأسابيع والأشهر الأخيرة ظاهرة النشاطات الأمنية للقوات الخاصة الإسرائيلية المعروفة باسم "المستعربين" في الضفة الغربية، سواء لاعتقال كوادر المقاومة، أو اغتيالهم.
وكشف الجيش الإسرائيلي أن القوات الخاصة قتلت منفذ عملية سلفيت عمر أبو ليلى، والمقاوم عاصم البرغوثي، واعتقلت عددا آخر، وفي نوفمبر كشفت حماس قوة إسرائيلية خاصة جنوب قطاع غزة، قتلت قائدها في اشتباك عسكري دامي.
منذ انتفاضة الحجارة الأولى، ثم انتفاضة الأقصى الثانية، وما تلاهما من هبات شعبية، وصولا إلى انتفاضة القدس، تداولت وسائل الإعلام مشاهد لمسلّحين مدنيّين يلقون القبض على متظاهرين، ويسلّمونهم للجيش، يطلق عليهم لقب "المستعربون".
يستخدم الجيش في الأراضي الفلسطينية وحدات الاغتيال والاعتقال، التي يرتدي أفرادها ملابس مدنية، ويستهدفون نشطاء المقاومة، ولها عدة أسماء "دوفدفان، شمشون، الوحدات الخاصة، المستعربون، فرق الموت".
تتبع هذه الفرق عددا من الأساليب والوسائل لتنفيذ مهامها الدامية، من أهمها: انتحال شخصيات عربية، الاختلاط بالمتظاهرين لإلقاء القبض على أشخاص معينين، انتحال شخصية صحفيين لاعتقال أشخاص، أو التقاط صور للمطلوبين.
عند النظر لطبيعة التجنيد بهذه الوحدات، فهي تعتبر بحجم فصيل عسكري، ومجندوها خريجون من وحدات مختلفة في الجيش، ودفع تصاعد المقاومة بالجيش لتوسيع حجمها، ويخوض أفرادها برنامجا تدريبيا طويلا وشاقا، وتعطى الأفضلية لذوي الملامح الشرق أوسطية، خاصة من ذوي البشرة السمراء، وكأنهم عرب، ليدخلوا الأحياء الفلسطينية، وينفذوا عمليات المطاردة والقتل الفجائية.
يقوم الجيش الإسرائيلي بإعداد نموذج لقرية عربية، فيها دكاكين متراصة، ومسجد يتوسطها، وبجانبه مدرسة على جدرانها شعارات وطنية، وسيارات في أزقة ضيقة، وامرأة قروية، ومزارع يكد ويتعب، وهذا النموذج اصطنعه الجيش الإسرائيلي ليتدرب فيه المستعربون كي يتعايشوا مع نمط الحياة الفلسطينية، ويكونوا مطلعين على عاداتها وتقاليدها، حتى لا يثيروا الشكوك بشخصياتهم حين يختطفون أو يقتلون.
عند القيام بأعمالهم السرية، يصل المستعربون في سيارات غير عسكرية تحمل اللوحات الخاصة بالأراضي الفلسطينية، وتستعمل الشاحنات في كثير من الأحيان، لسهولة نقل أعداد كبيرة من أعضائها، ونقل الأسلحة، والقتلى والجرحى في حال حصول اشتباك مفاجئ.
وفي محاولة لطمس الفارق بين اليهودي والعربي، يسعى المستعربون إلى التماشي مع الأزياء والعادات المحلية بارتداء ملابس مدنية صنعت محليا، أو ألبسة عربية تقليدية، وأن يكون واحد على الأقل من القوة يجيد اللغة العربية.
كما يستخدم المستعربون أزياء مسرحية كالشعر الاصطناعي، العكازات المزيفة، والثياب الفضفاضة لإخفاء الأسلحة، وصحافيين أجانب، وفي عدة مناسبات يتظاهر أحدهم بأنه يهز رضيعا اكتشف لاحقاً أنه دمية أو سلاح، والتنكر كنساء أو كهول، كل ذلك بهدف التسلل للمناطق الفلسطينية دون أن يكشفهم أحد.
رغم عدم توافر أرقام دقيقة حول الضحايا الفلسطينيّين لوحدات المستعربين، لكنّ الاحصائيات التقديرية تتحدث أنهم قتلوا المئات من الفلسطينيّين، ويبدو موقع الـ"يوتيوب" غزيراً بالمشاهد الخاصّة بهم.
إن تكرار لجوء الجيش الإسرائيلي لظاهرة المستعربين يعتبر جريمة حرب، لأنهم يقتلون بدم بارد، وبكاميرات مصورة، مما يتطلب توثيق هذه الجرائم، صوتاً وصورة، ضمن ملفات المحاكمة الدولية للاحتلال.