فلسطين أون لاين

إحباط إسرائيلي من صفقة القرن رغم مغرياتها

تباينت المواقف الإسرائيلية من صفقة القرن مع اقتراب الإعلان عنها، وتسببها بظهور ردود فعل إسرائيلية مؤيدة ومعارضة، وفيما يترقب الفلسطينيون ما قد يحصلون عليه من الصفقة، دولة مستقلة أو حكما ذاتيا فقط، في ظل استمرار خروج التسريبات بين حين وآخر، فإن التطوير الاقتصادي والانفتاح التجاري يبدو الأمر المتوافق عليه بين كل التسريبات.

اللافت أن أوساطا إسرائيلية تزعم أنه في حال أبدى الفلسطينيون ودول المنطقة رغبة بالانتعاش الاقتصادي، فإن الخطة الأمريكية ستنجح، وهو ما لم يتحقق في الواقع الشرق أوسطي حتى اليوم، في ظل ما قد تمنحه الصفقة لمصر والأردن ولبنان المزيد من الامتيازات لسكانهم الفلسطينيين، وإزالة عدد من التجمعات الاستيطانية البعيدة في الضفة الغربية، وتجنيد الولايات المتحدة مساعدات مالية بعشرات مليارات الدولارات للفلسطينيين.

لكن ذات الصفقة ستطلب من الفلسطينيين مقابل هذا "السخاء" المالي الموافقة على السيطرة الإسرائيلية على حدودهم، بما في ذلك غور الأردن، وستعترف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على التجمعات الاستيطانية التي تصل مساحتها عشرة بالمئة من الضفة الغربية، وإعلان ضمها، وأن يتنازل اللاجئون الفلسطينيون في الخارج عن حق العودة، مقابل أن يحصلون على تعويض اقتصادي مالي.

يدرك الإسرائيليون أن العامين الأخيرين شهدا انخراطا أكثر من إدارة ترمب في إنجاز صفقة القرن للشرق الأوسط، هذه الصفقة لا تقوم على منح حقوق وطنية للشعوب، وإنما تغيير في موازين المنطقة، وتقسيمها لحساب أعراق وقوميات مختلفة، مما يعني أنها تحمل انقلابا في التعامل مع جوهر القضية الفلسطينية.

هذا التغير في نظرة صفقة القرن للصراع العربي الإسرائيلي يعني أن "إسرائيل" بقيادة نتنياهو نجحت في إظهار الصراع بهذه الكيفية الجديدة، وأنها ليست عقبة في تحقيق السلام، ولعل الإدارة الأمريكية تتأمل من طرح خطتها أن تفسح المجال لحياة مختلفة في الشرق الأوسط.

يقترح ترمب في صفقته هذه حلولا عملية، بموجبها من يوافق عليها سيستفيد، ومن يعارضها سوف يخسر، وإن الولايات المتحدة سوف تستخدم قوتها الاقتصادية والعسكرية معا لإنجاح الصفقة، على أن تبقى إسرائيل رأس حربة الحلف الغربي، تحافظ على نفسها بحدود آمنة.

يبدو مهماً في نهاية هذه السطور إيراد موقف إسرائيلي مغاير لكثير من المواقف الإسرائيلية المؤيدة لصفقة القرن، لكن هناك أوساطا إسرائيلية ما زالت متحفظة منها، رغم ما تقدمه من تنازلات فلسطينية وعربية،ومكتسبات إسرائيلية.

ومع ذلك، فإن تفاصيل صفقة القرن المسربة تعني أن الولايات المتحدة التي تسعى لتحصيل اعتراف فلسطيني عربي بإسرائيل لن يكون جوهريا، لأن الفلسطينيين وفقاً لآراء إسرائيلية عديدة لن يغادرون طريق المقاومة المسلحة، ولو هدأت بعض الوقت، في حين أن إسرائيل سيكون من الصعب عليها رفض الخطة الأمريكية، بعد كل ما قدمه ترمب لها.