فلسطين أون لاين

الضمّ الإسرائيلي التدريجي للضفة الغربية

بغض النظر عن ماهية "صفقة القرن"، التي غدت أحجية لا أحد يعلم ماهيتها، باستثناء خطوط عامة تتسرب بين يوم وآخر، لكن أهمها تلك المواقف الواضحة بعدم الانسحاب الإسرائيلي من الضفة الغربية، لاسيما وأن الأوضاع السياسية في المنطقة قد تعدّ فرصة تاريخية أمام الإسرائيليين.

تبدو مهمةً الإشارةُ إلى العلاقة الإسرائيلية المميزة مع الإدارة الأمريكية الحالية، والشراكة القائمة في المشاريع السياسية بينهما، والخطوات التاريخية التي قام بها الرئيس دونالد ترمب، كنقل السفارة الأمريكية للقدس، ووقف تمويل الأونروا، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري.

يعتقد الإسرائيليون أن هذه الخطوات الأمريكية تمهد الطريق أمام نافذة تاريخية نادرة، ويجب استغلالها للتخلص من إرث اتفاق أوسلو، والبدء بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، في ظل شعارات معسكر اليمين في دعايته الانتخابية الأخيرة، وتطالب جميعها بالتحلل التدريجي من تبعات اتفاق أوسلو، وإحداث تغيير في الاتجاه العام للسياسة الإسرائيلية.

ترجمة ذلك على الأرض تعني أن الخطة الإسرائيلية تسعى لإيجاد أغلبية يهودية، وإلغاء الحكم العسكري، ففي مناطق أ و ب حيث يعيش 98% من الفلسطينيين يقام حكم ذاتي، ويمنح الفلسطينيون حركة العمل الكامل في جميع المجالات: التعليم، الثقافة، السياحة، الاقتصاد، الرفاهية.

في الوقت ذاته، تفرض دولة الاحتلال في مناطق سي بالضفة الغربية قانونها المدني، وتقلل مناطق احتكاكها مع الفلسطينيين، وزيادة حرية حركتهم، وتطوير بناهم التحتية، وإيجاد الظروف المشجعة على إنعاش اقتصادي، وتحسين مستوى الحياة من خلال خطوات ميدانية تحول الجدران إلى جسور.

إن توجهات الضم الإسرائيلية لمستوطنات الضفة الغربية، بالتنسيق مع واشنطن، وتغييب نهائي للسلطة الفلسطينية، تعني الاحتفاظ بهذه المناطق، لأنه سيوفر الحماية اللازمة للمستوطنات، كما أن المزاعم الإسرائيلية التي تتردد في تل أبيب، ولديها آذان صاغية في واشنطن، تفيد بأن المصالح الأمنية الإسرائيلية في السيطرة على مناطق ج، بتوسيع البناء بصورة كثيفة ومتسارعة فيها، وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، ومحاربة أي وجود فلسطيني فيها.

هذه الممارسات الإسرائيلية تقطع الشك باليقين، لمن تبقى لديه أدنى درجات الشك، أن الغاية النهائية لدولة الاحتلال هي الوصول بالمستوطنين في الضفة لأن يصبح عددهم مليونا كاملا، وهو حلم طالما راود رموز اليمين الصهيوني المتطرف، وسيكون على حساب الفلسطينيين، أهل الأرض الأصليين.

يرى عتاة اليمين الإسرائيلي أن تحقيق هذا الحلم، وهو الكابوس للفلسطينيين، بات وشيكاً في ظل وضع فلسطيني في أسوأ ظروفه بسبب الانقسام، وتراجع ما تبقى من سيادة فلسطينية على بعض أجزاء الضفة، وتبدد هيبة السلطة على الأوضاع الأمنية لصالح اتساع نفوذ الجيش والأمن الإسرائيليين.