لا أجد فروقا جوهرية بين حكومة الوفاق السابقة برئاسة د.الحمد الله والحكومة الحالية برئاسة د.اشتية، فكلتاهما تتبع للرئاسة الفلسطينية وتنفذ برنامجها السياسي او برنامج منظمة التحرير الفلسطينية. الفرق أن الأولى كانت تحسب على الشعب الفلسطيني انها حكومة توافقية وهي لم تكن كذلك، اما الثانية فيبدو انها لم تحظ حتى بتوافق تام داخل حركة فتح، ويظهر ذلك في احتجاج شخصيات من فتح على تمسك بعض الوزراء بمناصبهم رغم المعارضة الصريحة للمجلس الثوري للحركة وخاصة بالنسبة لوزيري المالية والخارجية.
حركة حماس أعلنت رفضها لتشكيل حكومة جديدة رغم تأكيدها على عدم وجود خلافات تتعلق بشخصية رئيس الوزراء الجديد، وحركة فتح قالت إنها لم تتخذ تلك الخطوة الا بعد إفشال حركة حماس لعمل حكومة التوافق، والصحيح ان الحكومتين _من وجهة نظري _لا علاقة لهما بنجاح أو فشل المصالحة، فذلك الأمر مرتبط بقادة الحركتين فتح وحماس، بغض النظر عمن يتحمل مسؤولية استمرار الانقسام.
حكومة د.اشتية حسب الدستور الفلسطيني _التي أقسم أعضاؤها على الالتزام به مرتين_ لا تستكمل شرعيتها الدستورية الا بنيل ثقة المجلس التشريعي، وهذا لم يحدث سواء مع الحكومة الحالية أو السابقة، ولكن أنا اعتقد ان أي حكومة يمكنها انتزاع شرعيتها من الشارع الفلسطيني إن عملت بجد وعملت بشكل يثبت بأنها حكومة الشعب وليست حكومة الحزب فقط، يمكنها كسب قلوب المواطنين اذا نجحت في لعب دور الوسيط بين فتح وحماس في إتمام المصالحة، واذا استطاعت أن تخفف من معاناة الناس في غزة والضفة الغربية، ولكن التمسك بالانحياز لطرف دون طرف سيبقيها على الهامش دون أي دور يذكر، والإصرار على معارضة التنفيس عن غزة سيجعلها جزءا من الانقسام. المواطن لا يأبه كثيرا بتطبيق الدستور بل يعلم ان كل ما يجري هو في اطار قانون الامر الواقع وليس في اطار الدستور او القانون الفلسطيني، ولذلك نأمل ان يستغل رئيس الوزراء د.محمد اشتية هذه الفرصة بذكاء، واعتقد ان شخصيته تؤهله للعب دور الإصلاحي، حيث إنه مقبول من غالبية الفصائل بغض النظر عن بعض التصريحات التي سبقت توليه المنصب الجديد و التي ازعجت المواطنين في غزة .