ما زال الإسرائيليون يبحثون مستقبل سياساتهم تجاه غزة، ومفاضلاتهم بين التسوية معها تحت عنوان التسهيلات الإنسانية، أو البديل العسكري الذي يدفع بع بعض الساسة، ويتردد فيه العسكر الإسرائيليون.
آخر ما تفتقت به قريحة أوساط سياسية وحزبية إسرائيلية لمواجهة الوضع في غزة تمثل بإصدار دعوات متتالية باغتيال عدد من قادة المقاومة، لأنه يشكل رادعا للمقاومة، ومانعا لها من الاستمرار عن المطالبة بتخفيف حصار غزة.
لكن أصواتا إسرائيلية مقابلة تعتقد، وهي محقة في اعتقادها، أن تجديد إسرائيل لسياسة الاغتيالات ضد غزة كفيلة بتعقيد الأمور الأمنية أكثر من تعقيدها الحالي، فما كان ينفع في الانتفاضة الثانية باعتماد سياسة الاغتيالات ضد الفلسطينيين، قد لا يكون مجديا اليوم بعد مرور هذه السنوات.
لقد شهدت الآونة الأخيرة عودة النقاش الإسرائيلي حول استئناف سياسة الاغتيالات ضد قادة المقاومة في غزة، مع أن هناك من يجند هذا الشعار ضمن حملته الانتخابية، وآخرون يعتقدون أن الاغتيالات مسألة ممكنة عملياً.
رغم أن هذه المطالبات تصدر من مرشحين في السباق الانتخابي الإسرائيلي الذي ينطلق بعد ساعات، لكن الجهات الأمنية والعسكرية ترى أن الاغتيالات، لم تعد بيد إسرائيل بيدها لوحدها، فغزة تغيرت، وسلوك إسرائيل تجاه قادة حماس تغير هو الآخر، فالأمور اختلفت عن الانتفاضة الثانية، وهناك شكوك كبيرة أن تكون الاغتيالات مجدية لحفظ أمنها، على العكس فإنها قد تضر أكثر مما تنفع.
يقول أحد الخبراء الإسرائيليين معقباً: "سنفترض أن إسرائيل افتتحت سياسة الاغتيالات من جديد، وقتلت عدة من زعماء حماس، فإن الحركة ستبدي خسارتها من موتهم، لكنها بعد أيام قليلة سيأتي ردها المتوقع".
تقدر الأوساط الإسرائيلية أن الرد الأولي الفلسطيني المتوقع يتمثل بإمطار تل أبيب بزخات من قذائفها الصاروخية، وهذا الاحتمال الأخف، وهناك إمكانية الدخول في حرب جديدة وهو الاحتمال السيئ.
وفي حال اندلعت معركة واسعة بين غزة وإسرائيل، فهناك احتمالان اثنان: الأول انتهاء الحرب، وعودة الجانبين لنقطة الصفر، كما حصل عقب حرب غزة 2014، مما يعني أن سلطة حماس لن تسقط، وستواصل تعكير صفو حياة الإسرائيليين حتى إزالة حصار غزة، فليس لدى الفلسطينيين ما يخسرونه.
أما الاحتمال الثاني أن تنتهي الحرب بإسقاط حماس، وفي هذه الحالة ستشكل تحديا أمنياً لإسرائيل ذاتها، فلا أحد يريد استلام غزة: لا مصر ولا إسرائيل ولا الأمم المتحدة، ومن يريد استعادتها وهي السلطة الفلسطينية، ليست قادرة على ذلك، وفي مثل هذه الأوضاع فإن المسئولية عن غزة ستقع على كاهل إسرائيل، وفي حال عاد جيشها إلى غزة، يتوقع جنرالاته له حياة مريرة هناك.