فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

​غزِّيّون ذوو إعاقة سمعية ينسجون السجاد ومشغولات أخرى

...
غزة/ محمد الهمص:

"أصوات عالية، وأرقام وحسابات، ونوع الخيوط واتجاهاتها"، هذا ما يُعرف عن المهنة التي يصفها روادها بالمعقدة لما تحتاج إليه من عين فنيّة وجهد ذهني وبدني عالٍ. لكن محترفيها هنا في قسم النسيج بجمعية أطفالنا للصم بغزة، يعدونها بالنسبة لهم أملاً وحياة.

في أحد أركان الجمعية، جهز مكان بآلات النسيج التراثية البدائية المصنوعة محليًا، وهي لا تتوفر في الأسواق، ويعمل عدد من ذوي الإعاقة السمعية كلٌ على آلته المخصصة.

يشكل هناك النسيج المتعارف عليه الذي يستخدم لصناعة السجاد وبعض المشغولات الأخرى، أما ما يميز المكان النسج بالنول المجدلاوي النادر، وهي الأداة التي تصنع القماش، وسميت بذلك لأنها تخص مدينة المجدل المحتلة بنسجها، حيث كانت توزع القماش المنسوج قبل النكبة لأغلب المدن الفلسطينية لصناعة الثوب الفلسطيني.

إنجاز ولقمة عيش

أمين أعرم هو من أقدم العاملين في الورشة التي أُسست عام 2002، يروي لصحيفة "فلسطين" بلغة الإشارة وبمساعدة المختص حجمَ سعادته بالعمل في ورشة النسيج، معللًا ذلك بأن العمل عزز الثقة لديه وأعطاه قيمة عالية، إضافة إلى أنها حرفة تراثية يتميز القليل بإتقانها.

وقال أعرم إن انضمامه كان بدايةً لمدرسة جمعية أطفالنا للصم، تعلم فيها حتى تأهل للقسم المهني ليتدرب في دورات متخصصة بغزل النسيج وينطلق بعدها للعمل في الصناعة اليدوية لتكون مصدر رزقه الذي يعتاش منه.

على الطرف المقابل من القسم ذاته تقف خديجة الدلو خلف آلتها، ولم تفارق البسمة وجهها، ببعض الإشارات من يديها وصفت لنا فخرها بالعمل في هذه المهنة التي تعدها ليست مصدر رزق فحسب بل تحافظ على هذه الحرفة التي عمل أجدادنا لحفظها من الاندثار بفعل الوسائل الحديثة.

وعبرت الدلو عن حجم سعادتها بما تنجز في مكانها منذ 17 عامًا، حيث إن مقتني المنتوجات التي تصنعها يزداد دوريا، وهذا يدفعها مع فريق العمل للاستمرار والتطوير.

وتابعت: "العمل في الورشة صنع لنا كيانا وعزز ثقتنا في أنفسنا وإثبات وجودنا"، داعية إلى اقتناء المنتجات التي تنتجها لما فيه من قيمة وطنية وتراثية.

منتج احترافي

مدير الإنتاج الحرفي في جمعية أطفالنا للصم حسام زقوت، أكد الحرفية العالية التي تخرج بها المنتجات، كما أنها نادرة التصنيع في قطاع غزة، إذ إنها الجمعية الوحيدة التي ما زالت تحافظ على حرفة النسيج بآلة النول.

ونبه زقوت لـ"فلسطين" إلى أن منتجات الجمعية تُسوّق بطريقتين؛ إما عن طريق نقاط البيع المحلية والمعارض الخاصة بأطفالنا للصم، أو عبر موقع البيع "أون لاين" للزبائن من خارج فلسطين، ما زاد نسبة المبيعات في فلسطين وخارجها.

وعن بدايات الفكرة يقول زقوت: "المشروع بدأ في عام 2002، حيث جاء لإحياء هذا النوع من الصناعة الذي بدأ يندثر، وبعد دورات تدريبية عدة في التأهيل المهني في الجمعية شكلنا فريق العمل المختص".

أضاف: "وصلنا اليوم لافتتاح مركز تدريب متخصص للتأهيل الحرفي يُخرّج باستمرار أشخاصا من ذوي الإعاقة السمعية وآخرين من الأصحاء يمتلكون القدرة على العمل على الآلات النسيج ومجالات مختلفة عدة".

وبحسب مدير الإنتاج الحرفي في جمعية أطفالنا للصم زقوت، فإن بعض المعوقات تقف أمامهم في العمل، كالحصار الإسرائيلي الذي يشكّل عائقًا في عملية إدخال المواد الخام، إذ إن انقطاعها من الأسواق يؤثر سلبا على طبيعة العمل، إلى جانب تقييد القدرة على تصدير المنتجات للخارج.

يذكر أن أطفالنا للصم جمعية أهلية غير ربحية، أُسست عام 1992، وتقدم خدماتها لمساعدة الأطفال والبالغين الصم وضعاف السمع، في الحصول على فرصهم في التعليم والتأهيل والتدريب المهني.

وتضم الجمعية في مقرها عددا من الورش المهنية؛ خياطة وتطريزا وطهيا ومجالات عدة أخرى، ضمن مشروع التدريب المهني الذي يهدف إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة لتحسين فرصهم في الحصول على عمل.

ويشير تقرير الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2017، إلى وجود 92710 من ذوي الإعاقة في فلسطين، بينهم ما نسبته 6% في قطاع غزة، يعانون من سوء الأوضاع المعيشية.

ويعيش قطاع غزة ظروفاً اقتصادية ومعيشية صعبة منذ 13 سنة، نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض عليه، وإغلاق المعابر مع القطاع، إضافة إلى الإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة في أبريل/ نيسان 2017.