فلسطين أون لاين

المبادرة الإسرائيلية تجاه غزة، بدل لعبة "البينغ بونغ"

على غير العادة، بدأت أوساط إسرائيلية، ومنها جنرالات كبار، يطرحون بصوت عالٍ عدة فرضيات مطلوبة أمام غزة، إما تسوية أو ضربة، بعكس ما كانت عليه النغمة السابقة التي غالبا ما ركزت على خيار الضربة دون الصفقة.

لقد دفع الوضع القائم في غزة دوائر صنع القرار في (إسرائيل) اتخاذ قرار واضح: إما التوصل لتسوية مع حماس، أو إعادة احتلال كل القطاع، بمعنى آخر إما التوصل لوقف لإطلاق النار، أو إسقاط سلطة حماس، والتوقف عما يصفونها لعبة "البينغ بونغ" مع الحركة في غزة.

أكثر من ذلك، فقد تولدت قناعات إسرائيلية جديدة، لم يتم الإعلان عنها، وهي أن الاغتيالات التي تستهدف قادة حماس والعمليات العسكرية الموضعية لها تأثير زمني مؤقت فقط، ولا تستطيع حل المشكلة بصورة نهائية، لأن الوضع القائم في غزة مربك جدا، ويشكل حالة استنزاف لـ(إسرائيل) وتبادل لإطلاق النار، وهذا وضع غير محتمل، وهي مسئولية الحكومة بإيجاد إستراتيجية جديدة لتغيير الوضع القائم.

بات واضحا أن السياسة الإسرائيلية القائمة لم تعد تتحكم في التطورات الميدانية القائمة بغزة، وباتت قائمة على الاكتفاء بسياسة الردود على كل حدث في غزة، ولا تبادر لتنفيذ سياسات محددة، ولذلك فإن (إسرائيل) مطالبة باتخاذ قرار نهائي، لأنه لا يمكن تجاهل الأمر القائم في غزة، بل يجب إعطاء فرصة للتسوية التي يتحدثون عنها، ومعرفة مدى جدواها أمام حماس، وإعداد الأرضية المناسبة لذلك.

صحيح أن هناك ضرورة للتواصل مع بعض الجهات التي قد تخلف حماس في إدارة الوضع في غزة، لكن التجارب الإسرائيلية السابقة في مثل هذه الحالات لم تكن ناجحة، مع أن الاغتيالات وجدواها ليست بتلك الأهمية، لأن سلاح الجو الإسرائيلي أسقط على الفلسطينيين آلاف القذائف، ودمر لهم العديد من الأهداف والمواقع، لكنهم سرعان ما أعادوا بناءها من جديد.

أكثر من ذلك: كم ستقتل من القادة الفلسطينيين، عشرات أو مئات، مع أن التجربة الإسرائيلية مع الاغتيالات تفيد بأن من سيأتي بعدهم سيكون أكثر قسوة على (إسرائيل) من القادة السابقين، كل عمل من هذا النوع له تأثير زمني مؤقت، وكذلك العمليات العسكرية المحددة والمركزة، ولذلك يجب التفكير على المستوى الاستراتيجي: إما بالتوصل لتسوية مع حماس، أو إعادة احتلال القطاع، والتوقف عن لعبة الفعل ورد الفعل، ولكل قرار تبعاته وتكاليفه.

كل ذلك مرده إلى أن (إسرائيل) لا تملك سياسة محددة تجاه غزة، لأنها في كل دقيقة تغير سياسة مختلفة، مما يتطلب إعداد خطة متكاملة شاملة تجاه غزة، ولا يمكن الاستمرار بهذه السياسة التي تقوم على الفعل ورد الفعل، وتعتمد أسلوب إطفاء الحرائق، والنتيجة أن غزة تشكل مسارا مستمرا من المشاكل والضغط الذي لا تعطي (إسرائيل) له حلولا، لأن انفجار الكارثة الإنسانية في القطاع لن يكون في وجه حماس..هكذا أثبتت التجربة، وهكذا سيكون دائما!