ما زال الإسرائيليون منشغلين بترددات عملية سلفيت، وأسفرت عن قتلى وجرحى إسرائيليين، وآخر قناعاتهم السائدة أن هذا الهجوم لا يطلق عليه عملية فردية، حتى لو عمل المنفذ وحده، لأن طريقة العمل والتنفيذ على الأرض تدل على أننا أمام تخطيط وتدريب واضحين، وهو ما يتزامن مع وجود عوامل متزايدة لدى حماس بإشعال الضفة الغربية، فضلا عن الحاجة الماسة للجيش لفحص أداء مقاتليه على الأرض.
لقد جمع الجيش والمخابرات العديد من الشهادات الحية لمن تبقى من الجنود والمستوطنين أحياء، وأكدوا أن منفذ العملية بدا بارد الأعصاب خلال هجومه، وأبدى تصميما على إكمال مهمته حتى النهاية، ما يرجح أنه تلقى تدريبا عسكريا.
ويتساءل الإسرائيليون: كيف يمكن تفسير اقتراب المنفذ من الجنود خلف سواتر الباطون، حين أخفى السكين في ثيابه، وحين اقترب بصورة لصيقة من الجنود نفذ عمليته، وأخرج سكينه، وطعن بها الجندي طعنة قاتلة، ثم السيطرة على سلاحه، واستخدامه في إطلاق النار؟
بدا واضحا في الساعات التي تلت تنفيذ العملية أن المنفذ علم جيدا أنه سيضطر للاختفاء، فاقتنص الفرصة المواتية حين رأى سيارة مارة في الطريق، فاستقلها، ثم توجه لحاجز عسكري آخر على بعد كيلومترات، وأطلق النار على الإسرائيليين الذين كانوا فيه، ما يؤكد أن المنفذ ابن المنطقة، لأنه يعرف تضاريسها، وفي اللحظة التي شعر فيها أن السيارة ستكون خطرا عليه، تركها وغادر، ونجح بالتخفي عن عيون قوات الاحتلال.
ليس هناك ما يفند القول إن المنفذ في مثل هذه العمليات عضو في تنظيم مسلح، وربما بادر المنفذ للعمل بتعليمات منه، حيث إن لدى فصائل المقاومة مصلحة جدية هذه الأيام بإشعال الوضع في الضفة الغربية، وهناك المزيد من الأسباب والدوافع التي تذهب باتجاه تنفيذ العمليات المسلحة فيها.
ومن هذه الأسباب: الصراع حول باب الرحمة في الحرم القدسي لا يزال قائما، والوضع الاقتصادي يسوء بالضفة الغربية عقب وقف الدعم الأمريكي ونقل الضرائب من الحكومة الإسرائيلية، والتوتر في غزة بين المقاومة وإسرائيل، ما يلقي بظلاله على الضفة، ويجعل البيئة الميدانية مهيأة جدا لأي اشتعال أو انفجار، ويدفع فصائل المقاومة لحث عناصرها على تنفيذ المزيد من العمليات، ولعل ذلك تحقق في عملية سلفيت.
أخيراً.. وقعت عملية سلفيت رغم الإحباطات الأمنية التي يقوم بها الجيش والمخابرات في الآونة الأخيرة لمنع تنفيذ المزيد من العمليات بالضفة، لكن هذه الإحباطات لا تحقق نتائج مائة بالمائة، ولا بد أن ينجح منفذ ما في التخفي عن الرادار الإسرائيلي لتنفيذ هجومه، خاصة إن حظي برعاية واحتضان من سكان الضفة، قبل التنفيذ وبعده.