ما جرى ضحى يوم أمس من عملية إطلاق نار على جنود ومستوطنين شمال سلفيت وقتل وجرح عدد منهم، وفي حيز ثاني أكبر مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، وهي مستوطنة "اريئيل"، سيؤزم وضع "نتنياهو"، حيث إن التوقيت حساس بسبب قرب الانتخابات في دولة الاحتلال.
هناك نتيجة منطقية لا يمكن دحضها، وهي أينما وجد احتلال وجدت المقاومة له، ومن يتحمل وزر ازهاق الأرواح هو الاحتلال، فحكومة "نتنياهو" لا ترى في الشعب الفلسطيني، سوى أنه درجة ثانية وذلك بحسب قانون القومية الذي أقر قبل أشهر، والاحتلال لا يريد أن يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني، وقصة "أوسلو" طيلة 25 عاما واضحة للعيان.
تعتبر العملية ضربة لفرص "نتنياهو" في الاستحواذعلى أصوات الناخبين، فما حصل ضربة قوية للأمن الذي تغنى به خلال استعداده للانتخابات، والتي كل حدث يكون حساسا في التأثيرعلى مزاج الناخبين الذين هدفهم تحقيق الأمن لهم.
كنتيجة أولية رفعت العملية من معنويات غزة المحاصرة، وخففت الاحتقان الداخلي، ووزع الغزيون الحلوى ابتهاجا بها كونها تخفف عنهم، فكل عمل يدفع لعمل آخر، ويعطي نتائج معروفة ومعلومة وغير معروفة أحيانا، لكن بالمجمل العام تعتبر دعما كبيرا ونجاحا يتبعه نجاح إلى أن يتم كنس الاحتلال لاحقا.
بلبلة وقع فيها الاحتلال خلال الاعلان عن تفاصيل العملية حيث نجح المنفذ بالطعن والانسحاب، وهذا يشير إلى أن المنفذ قد خطط مسبقا وجيدا للعملية، كون المنطقة محروسة جيدا من قبل جنود الاحتلال ودورياته التي تجوب المنطقة.
قد يخرج علينا اعلام الاحتلال بقصص كثيرة لدوافع المنفذ، للتقليل من صداها وتأثيرها، كـ "خلاف في العمل أدى لذلك"، وقد يخرج بقصة أخرى مغايرة، فكل الاحتمالات تبقى موجودة، لكن ما حصل يعتبر ضربة لمنظومة الاحتلال الأمنية التي تعتبر نفسها لا تخترق.
يقر القانون الدولي الانساني الحق لمن يقع تحت احتلال أن يقاوم محتليه بكافة الطرق والأساليب، وما حصل لايخالف القانون الدولي الإنساني فلا يوجد شعب عبر التاريخ سكت عن محتليه ورضي به، واعلام الاحتلال إن وصف العملية بالإرهابية فهو وصف بحسب وضعه ويطرب مستمعيه.
العملية أبطلت ذلك وفضحت هشاشة المنظومة الامنية، وإلا كيف لفرد واحد أن يقوم باختراق كل منظومة الاحتلال الأمنية بهذه السهولة، ويصبح جيشا لا يقهر يطارد فردا واحدا دون أن يتمكن منه بطريقة تجعله يشعر بالتفوق.
في كل الأحوال، الاحتلال لن يبقى ويستمر، والمقاومة ولادة رغم ما تتعرض له من هجوم قوي جدا وواسع من حيث نعلم أو لا نعلم، لكن كل جهود انهاء المقاومة ستبوء بالفشل الذريع، كون الشعب الفلسطيني صاحب حق، ومن يطالب بحقه سينتزعه لاحقا طال الزمن أم قصر من حلوق أعدائه وهذه هي سنة التاريخ وسنن الله الغالبة في الكون، ونتنياهو وغيره لن يستطيعوا أن يغالبوها.