ما زال المشهد الفلسطيني يلقي بظلاله على نظيره الإسرائيلي في ظل الأوضاع الميدانية في غزة والضفة والقدس البعيدة عن أي هدوء أمني، والفلسطينيون يريدون استغلال موسم الانتخابات الإسرائيلية لقناعتهم بأنها لن تبادر لأي عملية عسكرية واسعة لحظة الانتخابات، فيما تتواصل الجهود المصرية بين حماس وإسرائيل لإبرام التهدئة.
كما تسود مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أجواء القلق من إمكانية اندلاع أجواء التدهور الميداني، بسبب تراكم الأزمات الأمنية المتلاحقة في الأراضي الفلسطينية: باب الرحمة واحدة منها، عجز السلطة الفلسطينية عن دفع رواتب موظفيها ثانيها، والوضع المتفجر بغزة، والخشية اندلاع موجة تصعيد عسكرية كبيرة ثالثها، والجهود تبذل حاليا للتوصل لتهدئة أمام حماس، على الأقل لتأمين فترة هدوء قريبة، دون أن تسفر الجهود عن نجاح جدي.
تقدر إسرائيل أن حماس ستواصل اتباع سياسة شفا الهاوية من خلال استخدام مستوى معقول من العنف، خاصة من خلال عمليات الإرباك الليلي، وإطلاق البالونات الحارقة والطائرات الورقية، مع أن هذا التقدير ليس بالضرورة أن يكون دقيقا، فحرب غزة الأولى 2008 حصلت خلال موسم انتخابي شبيه باليوم.
كما أن يوم الانتخابات الإسرائيلية في التاسع من أبريل ليس التاريخ الوحيد الحساس الذي قد يؤدي لتصعيد عسكري في الجبهة الجنوبية، فالثلاثين من مارس يصادف يوم الأرض، والذكرى السنوية الأولى لانطلاق المسيرات الشعبية على حدود غزة، ومصر الحريصة على إنجاز اتفاق يبدو بعيدا، وقد يتطلب المزيد من جولات التفاوض، وتبادل اتهامات، حتى تنجح بجسر الهوة في مواقف الطرفين.
وفي حين سيظهر أي تخفيف إسرائيلي عن الفلسطينيين في غزة خضوعا إسرائيليا، فإن غياب هذه التسهيلات سيؤدي لاندلاع تصعيد عسكري، مما سيدفع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لاتخاذ القرار المناسب، وهنا قد يشكل لخصومه مادة انتخابية دسمة للتداول فيما بينهم.
كما أن اندلاع أي موجة تصعيد قادمة ستلقي بظلالها على الناخبين الإسرائيليين، في ظل عدم امتلاك أحد لما يمكن وصفه برزمة متكاملة للتوصل لتسوية كبيرة تشمل وقفا لإطلاق النار بعيد المدى، يتخلله رفع للحصار عن غزة، وحل مشكلة الجنود الأسرى لدى حماس.
الفلسطينيون بغزة يرون أن من حقهم شد الحبل أكثر مع مرور الوقت، انطلاقا من فهمهم لحساسية وضع صانع القرار الإسرائيلي بمواسم الانتخابات، واستعداده لتقديم التنازلات في هذه المرحلة، لكن ذلك قد يكون فهماً مبالغاً فيه، مما يتطلب عدم التفكير باتجاه واحد، يأخذ بنا لقناعات استباقية، صحيح أن الإسرائيليين غير معنيين بمواجهة مفتوحة قبيل الانتخابات، لكنهم غير مستعدين لتقديم تنازلات نسعى إليها نحن!