استكمالا لحديث الأمس، فإن ما يؤكد مركزية الحل الإسرائيلي في غزة، المشروع السياسي الذي نشره معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب في أكتوبر 2018، الذي أفاض في الحديث عن الضفة الغربية، ومستوطناتها، لكنه استثنى قطاع غزة من الحديث، رغم وجود أهمية لتحسين الوضع الإنساني فيه، وترميم بناه التحتية، مقابل إقامة منظومة دولية تمنع تقوي حماس عسكريًا، على أن يتم ذلك بمعزل عن الضفة الغربية.
أنتجت هذه السياسات الإسرائيلية الخاطئة تجاه غزة في النهاية هذا الواقع الأمني السيئ للإسرائيليين، في ظل غياب حلول عسكرية أو اقتصادية تجاه غزة، ما دفع الإسرائيليين لأن يطالبوا بإلقائها في الحضن المصري خصوصًا، أو الرعاية الإقليمية والدولية عمومًا، في ظل صعوبة تحقق إعادة السلطة الفلسطينية إليها، سواء لتعثر المصالحة مع حماس، أو عدم القدرة على إخضاع الحركة عسكريًا من قبل الجيش الإسرائيلي، مع أن الإسرائيليين في خضم بحثهم عن حلول إقليمية لغزة، ألمحوا لإمكانية أن تستعين السلطة الفلسطينية بدول عربية مثل مصر والسعودية، باتفاق مع إسرائيل أو صمتها.
هذا التصور الإسرائيلي لا يجد استحسانًا لدى الرأي العام العربي، رغم أنها فكرة نموذجية لدى الإسرائيليين، صحيح أنه لم يعلن أحد إن كانت هذه الفكرة قد طُرحت على طاولة الزعماء في المنطقة أم لا، لكن بعض الإسرائيليين، يعتقدون أنه ربما آن أوان للتعامل معها، والنقاش حولها.
يزداد الحديث عن الحل الإقليمي لغزة في ظل التوجّه الإسرائيلي بفرض السيادة على الضفة الغربية، وإعلان دولة فلسطينية في قطاع غزة وسيناء، ما يطرح أسئلة حول ردود فعل المصريين والعالم، من خلال توسيع قطاع غزة شمالًا باتجاه سيناء، عل طول الساحل مع البحر المتوسط؛ حيث المنطقة مفتوحة على العالم، ما يمكّن لهم تجارة حرة، ومطارًا وميناء، وتواصلًا جغرافيًا حقيقيًا.
أخيرًا .. ينطلق الإسرائيليون في نظرتهم إلى غزة، ولعلّ المجتمع الدولي يشاركهم في ذلك، أن غزة هي مفتاح الحل الإقليمي، وليس الضفة الغربية، الأمر الذي يتطلب إما الإطاحة بحماس عسكريًا، إن كان ممكنًا، أو ضرورة التوصل لتفاهمات معها، مع إقامة ظروف معيشة قابلة للحياة.
حينها قد يدور الحديث عن مشاريع استثمارية ضخمة، وإقامة مدينة جديدة، وإخراج مئات آلاف الفلسطينيين من القطاع جنوبًا باتجاه سيناء، وإقامة شبكة فنادق وبنًى تحتية، هذه خطة ستعمل على إحياء هذه المنطقة اقتصاديًا وتجاريًا لما فيه مصلحة سكان غزة أصلًا، ولعلّ هذا ما قصده المبعوث الأمريكي جيراد كوشنير في جولته الإقليمية الأخيرة قبل أيام