وقع المحظور الذي اجتهد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، حتى كتابة هذه السطور، شهورا طويلة في منع تحققه، لكن النائب العام الإسرائيلي لم يستطع الاحتفاظ بكل ما لديه من إدانات وبراهين على فساد الرجل الأول في الدولة، إلا أن يعلن توجيه لائحة اتهام بحقه.
تضمنت لائحة الاتهام ضد نتنياهو: تلقي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وهي المرة الأولى التي توجه فيها اتهامات لرئيس وزراء وهو ما زال في منصبه، في الملفات المشهورة بأسماء "ملف 1000، ملف 2000، وملف 4000".
كان متوقعاً أن يخرج نتنياهو للرد على هذه الاتهامات، بالقول إنها حملة مغرضة من المعارضة للإطاحة به، بل إنه أعلن اعتزامه تولي رئاسة الحكومة لفترة طويلة رغم هذه الاتهامات، لكنه يعلم أن إصدار لائحة الاتهام هذه قبيل أربعين يوما فقط على الذهاب إلى صناديق الاقتراع في التاسع من أبريل القادم لن يكون هيناً عليه، وهو الأكثر دراية بالرأي العام الإسرائيلي الأكثر تقلباً ومزاجية بين يوم وآخر.
فيما شكل توجيه لائحة الاتهام صاعقة على نتنياهو خصوصا، فقد أبدى معسكر اليمين عموما خشيته من هذا التطور القضائي، لأنه قد يتسبب بخسارة الانتخابات المقبلة، ولذلك أبدى شركاؤه في الائتلاف الحكومي اعتقادهم أن نتنياهو لا يزال بريئا كأي إسرائيلي في الدولة، وإن الجهة الوحيدة المخولة بتحديد إذا كان متهما أو بريئا هي المحكمة، لأن تقديم لائحة الاتهام ليس حكما، وبالتالي يمكنه التنافس على رئاسة الحكومة كأي مرشح آخر.
في الوقت ذاته تلقف خصوم نتنياهو لائحة اتهامه، لاسيما تحالف "أزرق – أبيض" المكون من الجنرالات على أنها "هدية من السماء"، ودعوه فورا لتقديم استقالته، لأنه لا يمكن لرئيس وزراء أن يقوم بواجبه، وفي الوقت ذاته يدير معركة قضائية متهم فيها بقضايا فساد.
فور صدور لائحة اتهام نتنياهو، بدأت استطلاعات الرأي الإسرائيلية تقيس مزاج الجمهور الإسرائيلي، فجاءت النتائج بما لا يهواها الرجل، فقد أبدت أغلبية تعادل 55% من الإسرائيليين اعتقادها بأن نتنياهو فاسد، فقال 30% منهم إنه "فاسد جداً"، و25% قالوا إنه "فاسد"، 25% أنه "ليس فاسداً جداً"، فيما حقق تحالف "أزرق-أبيض" قفزة في استطلاعات الرأي، بحصوله في آخر نتائج قبل ساعات على 37 مقعدا من إجمالي 120 في الكنيست، مقابل 25 مقعدا فقط لحزب الليكود.
هذا يعني أن نتنياهو بات يصارع فعليا على البقاء، بعد أن باتت أحزاب خصومه تشكل تهديدا جديا لمقعده رئيسا للحكومة لأربع ولايات رئاسية، لأنه وقع في شر أعماله من الفساد الذي يهدم الدول ويهز الكيانات ويهدم الحصون من داخلها، ولم يكن نتنياهو بمعزل عن تحقق هذه القاعدة التاريخية السياسية..