تبادلت أجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي الاتهامات بينها عقب نجاح الفلسطينيين في فتح مصلى "باب الرحمة" في المسجد الأقصى المبارك، وذلك بعد سنوات طويلة من إغلاقه بقرار إسرائيلي.
وحذرت مصادر في أجهزة أمن الاحتلال، أمس، من أن نجاح المصلين الفلسطينيين في إعادة فتح مصلى "باب الرحمة" يمكن أن يؤدي إلى تصعيد واسع يمتد من شرقي القدس إلى كل ارجاء الضفة الغربية.
وانتقدت المصادر الأمنية، بحسب وسائل إعلامية عبرية، سلوك جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) في هذه القضية.
وقالت "نقدر بأنه تم التخطيط للاقتحام منذ فترة طويلة دون أي إزعاج"، فيما اتهمت ذات المصادر شرطة الاحتلال التي اعتقلت النشطاء بعد فوات الأوان بأنها لم تستعد بقوات معززة لمنع فتح المصلى وبذلك أتاحت إنشاء مسجد آخر في الأقصى.
واعترفت المصادر الأمنية بأن شرطة الاحتلال لن تتمكن من الآن من إخلاء المصلى دون أن يؤثر ذلك على الوضع الأمني في المنطقة.
وفي تقييم للأوضاع، قالت شرطة الاحتلال إنها "سمحت للمصلين بدخول المبنى لأنها تريد منع المواجهات واعتقال النشطاء المحرضين في وقت لاحق، والذين تم إطلاق سراح بعضهم بالفعل".
ولفتت إلى أن اعتقادًا في أجهزة أمن الاحتلال الآن بأن "الأحداث التي أدت إلى إعادة فتح المصلى بدأت منذ أكثر من أسبوعين، عندما سمحت الأردن بتوسيع مجلس الأوقاف من 11 عضوًا إلى 18".
وذكر أنه من ضمن الأعضاء الجدد مسؤولون فلسطينيون وجميعهم كانوا ناشطين في هبة باب الأسباط 2017، عندما أقامت شرطة الاحتلال البوابات الالكترونية على مداخل المسجد.
ونقل عن مصدر أمني قوله: إنه "على الرغم من الاعتقالات قبل وبعد افتتاح المصلى فإنه منذ اللحظة التي اقتلعوا فيها البوابات وأقاموا الصلاة هناك تحول المكان إلى مسجد ولا يمكن لأحد إخلائه بسهولة".
ووفقا له "يمكن للجنود أن يستعدوا لإخلاء الموقع بالقوة، أو تقديم مخطط تفصيلي لا يعتبر المبنى مهما لدرجة الوصول إلى تصعيد، وفي التالي العمل على تحويله إلى موقع سياحي أو مكتب للأوقاف".
يذكر أن باب الرحمة مغلق بقرار من سلطات الاحتلال منذ العام 2003، وجدد أمر الإغلاق سنويا منذ ذلك الحين، وأقرت محكمة إسرائيلية في العام 2017 باستمرار إغلاقه.
وللمرة الأولى منذ 16 عاما، نجح آلاف المصلين الجمعة الماضية من الدخول إلى مصلى باب الرحمة المغلق من قبل الاحتلال، والصلاة فيه، وأعلنت دائرة الأوقاف ترميمه وتفعيله من جديد.
وأعلن مجلس الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة أنها ستُبقى على مصلى باب الرحمة مفتوحُا للصلاة، حال بقية المصليات والساحات في المسجد الأقصى.
وفي السياق، توقع الباحث في شؤون القدس محمد أبو صالح، أنْ تقدم قوات الاحتلال على إغلاق مصلى باب الرحمة مجددًا، واندلاع هبة مقدسية جديدة على غرار هبة "الأسباط".
وأرجع أبو صالح توقعاته إزاء تخطيط سلطات الاحتلال السيطرة على منطقة باب الرحمة منذ زمنٍ طويل، وأعقبت ذلك بإغلاق الباب عام 2003م في تمهيد منها لخلق تواصل ما بين الباب الشرقي للمسجد الأقصى (الرحمة) والمقبرة المجاورة له وباب الأسباط وصولاً لدخول قبة الصخرة المشرفة، "مكان الهيكل وفق الاعتقادات التلمودية".
وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أصدر أوامر، الاثنين الماضي، بإعادة إغلاق مصلى "باب الرحمة" من جديد وإخلائه من محتوياته، بالإضافة إلى مواجهة مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس المحتلة.
وأوضح أبو صالح أن الاحتلال يريد السيطرة على منطقة الرحمة، ليجعل له موطأ قدم في الأقصى تمهيدا لإقامة "الهيكل" المزعوم، مشيرا إلى أن الاحتلال لم ولن يتقبل الخطوة التي قام بها المقدسيون، مدعومين بمجلس الأوقاف بفتح مصلى باب الرحمة.
وتوقع أنْ تُقابل سلطات الاحتلال أي هبة جماهيرية مقدسية (إن أغلقت باب الرحمة مجدداً) بالعنف وارتقاء شهداء في رحاب المسجد الأقصى.
وقال: الاحتلال سيتوقف عن إجرائه بحق مصلى باب الرحمة في حال حدوث هبة مشابهة لـ"هبة الأسباط" عقب وضع بوابات الكترونية أمام مداخل الأقصى يوليو 2017م.
وأكد أن المقدسيون هم خط الدفاع الأول والأخير عن القدس والأقصى، مضيفًا أنه "لولاهم ولولا صمودهم لسيطر الاحتلال بشكلٍ نهائي على القدس والأقصى منذ زمن طويل".