ذات يوم وأنا أتنقل بين المجموعات المختلفة على منصة (واتس أب) في حسابي الشخصي استوقفني وجذبني عنوان أحد المقاطع المرئية، الذي كان منشورًا على إحدى المجموعات الإخبارية، وكان عنوان ذلك الفيديو "الأسلحة الذكية Smart weapons"، فحملته من باب المعرفة والفضول وشاهدته، وقد فاجأني محتوى ذلك المقطع إلى حد الصدمة.
ذلك الفيديو عرض طائرة صغيرة (درون Drone) مهمتها استهداف الأعداء دون الأصدقاء، وهي تتعرف إلى صاحبها بوساطة بصمة الوجه (Face Recognition)، وبحسب الفيديو إن هذه الطائرة تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (AI: Artificial Intelligence)، وسرعة استجابة معالجها (CPU) تزيد عن سرعة استجابة العقل البشري بمائة ضِعْف، وهذه الطائرة مزودة بكاميرا صغيرة إضافة إلى مستشعرات (Sensors) شديدة الحساسية، إضافة إلى أنها تحمل ثلاثة جرامات من الشحنة المتفجرة كي تستخدمها في إحداث انفجار صغير، يكفي لاختراق وتدمير جمجمة أي إنسان.
العجيب في هذا الأمر أن هذه الطائرات يُمكن أن تُشَكِّل سربًا بشكل هندسي مُنظَّم من تلقاء نفسها، بهدف تنفيذ مهمة معينة دون الحاجة لتدخل أي عنصر بشري في أثناء عملية التنفيذ، والمطلوب فقط من الجهة التي تستخدم هذه الطائرة قبل تنفيذ أي مهمة، تصنيف المُستَهْدَفين وتحديدهم حسب معيار مُحدد، مثل: السن أو الجنس أو المعتقدات، وغيرها من المحددات الأخرى، إلى جانب تحديد مكان الإطلاق، ويقول الفيديو إن نسبة المخاطرة التي تواجهها تلك الطائرات عند تنفيذ مهامها هي صفر من المائة، على خلاف القنبلة النووية المرتفعة التكلفة مع نسبة المخاطرة العالية، وآثارها (القنبلة النووية) التدميرية تمتد مدة زمنية ليست بالقليلة.
إلى هنا ربما يكون ذلك الأمر اعتياديًّا لأي شخص يعيش في هذا العالم المتسارع تقنيًّا في مختلف مجالاته وميادينه، المدنية والعسكرية على حد سواء، لكن الأمر المخيف الذي يدعو للقلق أن هذه الطائرة مُسْتَهلِكة استهلاكًا كاملًا للمعلومات التقنية، التي تكون متوافرة في الإنترنت عمومًا، أو عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة خصوصًا، إلى درجة أن هذه الطائرات يُمكن أن تستهدف أشخاصًا يغردون على وَسْم (هاشتاق Hashtag) مُحدد.
خلاصة القول مما شاهدت هي أننا نعيش في حرب معلومات مُعقدة، لذا كان من الواجب ألا نستهين بما نملك من معلومات، وإن كانت بسيطة من وجهة نظرنا؛ فقد تكون هي الحلقة المفقودة التي يُمكن أن تُمثِّل تهديدًا لحياة الآخرين، وتكون سببًا في استهدافنا، فالنشر يجب أن يكون على قدر الحاجة، وكما قال أجدادنا: "خير الكلام ما قلَّ ودلَّ"؛ فالحذر كل الحذر من قتل نفسك.