فلسطين أون لاين

​مشاكل السنوات الأولى للزواج مطبات فجائية كيف يمكن تجاوزها؟

...
غزة/ عبد الله التركماني

كثير من الرجال الذين يواجهون مشاكل زوجية في أولى سنوات حياتهم الزوجية يحكمون على هذه الحياة بالفشل بسبب عدم التوافق مع الطرف الآخر، مع أن العديد من خبراء علم النفس الاجتماعي يرون أن هذه المشكلات عادةً ما تكون اعتيادية وطبيعية الحدوث في بداية أي حياة زوجية، خاصة في مجتمع عشائري مثل المجتمع الفلسطيني الذي يغلب عليه سمة العائلات الممتدة المتداخلة.

مشاكل غير اعتيادية

قال إبراهيم (25 عامًا) الذي فضل عدم ذكر اسمه لصحيفة "فلسطين" -وهو شاب متزوج منذ عامين-: "ما إن انقضى أول شهر من زواجي حتى بدأت مشاكل غير اعتيادية تظهر في حياتي الزوجية أحدثت إرباكًا كبيرًا لدي".

وأضاف إبراهيم الذي يعمل في شركة مقاولات وإنشاء: "كانت المشكلات تدور بشأن كيفية إدارة المصاريف المنزلية، فوجدت تباينًا كبيرًا في مفاهيم الإنفاق، إذ إن زوجتي لديها مستوى عالٍ من الإنفاق، في حين أحاول ترسيخ مبدأ الإنفاق للضرورة في هذه الظروف الاقتصادية المأسوية التي تواجه الأسر الفلسطينية كافة، ولكن زوجتي عدت ما أحاول ترسيخه من قبيل البخل".

ولفت النظر إلى أن زوجته بدت متدخلة كثيرًا في خصوصيته -ويعني بها علاقته بأصدقائه أو مع الوسط المحيط به- وأنها باتت ذات فضول كبير لمعرفة تفاصيل هذه العلاقات، وما يدور فيها بتفاصيله، تابع: "هذا الأمر تسبب بالعديد من المشكلات بيننا".

قال يزيد (23 عامًا) -وهو متزوج منذ عام ونصف- لصحيفة "فلسطين": "عانيت -ولا أزال- منذ بداية حياتي الزوجية من مشكلات عديدة، أبرزها تدخلات عائلية من أهلي وأهل زوجتي، جعلتني مقيدًا في التعامل مع أي مشكلة يمر بها".

وأوضح أنه يعمل في كل مرة على كبح تدخلات عائلته في حياته، ولكن ما يزيد الطين بلة هو تعاطي زوجته الكبير مع تدخلات أهلها، الأمر الذي حول حياته الزوجية إلى جحيم لا يطاق.

وفي استطلاع رأي أجراه مركز الدراسات وقياس الرأي العام بجامعة الأقصى في غزة نشر في مارس الماضي، عن أسباب الطلاق في المجتمع الفلسطيني بقطاع غزة، أوضحت النتائج أن أبرز أسباب الطلاق المبكر هي التخطيط غير السليم للزواج، وعدم اتباع الأسس السليمة لاختيار شريك الحياة، وغياب الوعي بالحياة الزوجية أو الشراكة الزوجية، والتسرع في إتمام إجراءات الزواج وعدم إطالة مدة الخطبة، والتدخل السلبي لأهل الزوج وأهل الزوجة في حياتهما، والفقر والظروف الاقتصادية.

أسباب الخلافات

ويرى المتخصص في علم النفس الاجتماعي إياد الشوربجي أن المشكلات التي تطرأ في أولى سنوات الزواج تكون الأصعب في الحياة الزوجية، وأنه في حال لم يستطع الزوجان تجاوزها الطلاق سيكون خيارًا موضوعًا على الطاولة، خاصة في تلك المرحلة التي لا يكون فيها أبناء.

وذكر الشوربجي خلال حديثه إلى صحيفة "فلسطين" أن أهم القضايا التي تحدث فيها الخلافات بين الزوجين تتعلق بمصدر الدخل والموازنة بين الإنفاق والوضع المالي، وخصوصية كل فرد، والتدخلات الأسرية من أهالي الزوجين، وانزعاج أحد الزوجين من العيوب الصغيرة للطرف الآخر التي لم تكن مصدر إزعاج خلال مدة الخطوبة، وقلة النظافة الشخصية، وانخفاض مستوى الحميمية بين الطرفين.

وشدد الخبير النفسي والاجتماعي أن الوضوح والنقاش في هذه الأمور كافة خلال مدة الخطوبة من شأنه أن يبعد الزوجين عن مشاكل السنوات الأولى من الزواج إلى حد كبير، مشيرًا إلى أن هذا النقاش أحد أهم مفاتيح نجاح الحياة الزوجية، والبعد عن فشل هذه الحياة، مع ضرورة عمل الزوجين كفريق لا كزوج وزوجة.

وأضاف: "هذا النقاش يجب أن يتناول كل الأطباع والعادات والاختلاف الذي سيطرأ على الزوج أو الزوجة بعد الزواج، والحديث عن قواعد التسوق والإنفاق، وأيضًا احترام كل طرف خصوصية الطرف الآخر".

ولفت الشوربجي النظر إلى ضرورة تحييد أهالي الزوجين عن حياتهما، إلا إذا اقتضت الضرورة لتدخلهم بسبب عقبات تعتري الحياة الزوجية، وتابع: "وعندها يجب على الأهل أن يكون تدخلهم منطقيًّا واعيًا لحل المشاكل لا تعقيدها".

وقال: "في بداية الحياة الزوجية سيدرك الزوج أو الزوجة فجأة أن العيوب الصغيرة في الطرف الآخر التي لم تكن تزعجه يومًا بل ربما كان يحبها أصبحت تثير غضبه، وهذا شعور طبيعي يصاحب أحد الزوجين في بداية حياتهما الزوجية، ثم يمكن التأقلم معها وتجاوزها".