في الوقت الذي تتسابق فيه الخطى الإسرائيلية نحو الانتخابات المقررة في أبريل، تتسارع في المقابل التسريبات حول تفاصيل صفقة القرن التي طالما وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالكشف عنها، ثم يؤجل الإعلان في آخر لحظة.
يبدو أن اقتراب إعلان ترمب لصفقته الموعودة يتزامن مع إجراء الانتخابات الإسرائيلية، وما قد تسفر عنه من نتائج، تتمثل بتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، مع وجود تهيئة يمينية للرأي العام الإسرائيلي أن هذه الصفقة تتطلب دفع أثمان كبيرة، لأنها تتعلق بالقضايا الأساسية التي تمس إسرائيل، سواء ما تعلق منها بالقدس أو الأمن أو المستوطنات.
اللافت أن نتنياهو لا يشعر أنه يواجه تحديا من اليمين الإسرائيلي، حتى لو وافق على إرسال الأموال إلى غزة، أو يتباطأ في إخلاء المنازل الفلسطينية في حي خان الأحمر، لكن القلق الحقيقي قادم من خطة ترمب وفق التسريبات المتزايدة، حتى أن أحد منظري اليمين الإسرائيلي زعم قائلا قبل أيام، أنه "لئن كان نصف تسريبات صفقة القرن دقيقا، فإن الإسرائيليين يجب أن يشدوا شعر رؤوسهم!
يعتمد الإسرائيليون، أو على الأقل شريحة واسعة منهم، على فرضيات غير مؤكدة حتى كتابة هذه السطور، تقول إن صفقة القرن تتضمن إقامة دولة فلسطينية تسيطر على 85-90 بالمائة من الضفة الغربية، ونقل أحياء شرقي القدس لسيطرة السلطة الفلسطينية، وفي بعض مناطق البلدة القديمة يحصل الفلسطينيون على موطئ قدم، ووفق هذه الخطة فإن عشرات النقاط الاستيطانية سيتم إخلاؤها، وعشرات المستوطنات سيتم تجميد البناء الاستيطاني فيها، وسيتم ضم التجمعات الاستيطانية الكبرى فقط إلى إسرائيل.
صحيح أن ترمب لم يكشف تفاصيل صفقته، لكنه أعلن سابقا أن إسرائيل ستضطر لدفع ثمن في المستقبل مقابل إعلان القدس عاصمة لها، وأنه في إطار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ستضطر لدفع ثمن باهظ على نقل السفارة إلى القدس.
يجدر في نهاية هذه السطور طرح جملة أسئلة يرددها الإسرائيليون في مجالسهم الانتخابية هذه الأيام، ومنها: هل توصل نتنياهو فعليا إلى اتفاق مع ترمب حول الصفقة، وما تفاصيل الاتفاق، وهل هذا الاتفاق، إن وجد فعلياً، يجعل نتنياهو يدعم إقامة دولة فلسطينية، ويوافق على نقل تجمعات استيطانية إسرائيلية إلى السيادة أو المسؤولية الفلسطينية، ومدى إقدامه الحقيقي على إخلاء 70 بالمئة من التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية.
الحقيقة أن طرح مثل هذه التساؤلات المشروعة يتطلب من نتنياهو الذي يبدو يتربع على استطلاعات الرأي، ويبدو صاحب الحظوة الكبرى لفوز جديد برئاسة الحكومة الإسرائيلية، ألا يجعل هذه الأسئلة دون إجابات واضحة، وإلا فإنها ستفرض تحدياً جدياً عليه قبيل ذهاب الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع بعد قرابة ستين يوما!