يومًا بعد الآخر، يخرج رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للعالم، متفاخرًا بنجاحه في تحقيق تطبيع جديد مع دول عربية وإسلامية، لطالما كانت ترى في العلاقة مع كيان (إسرائيل) خطيئة كبرى، بسبب جرائمها المتواصلة ضد الفلسطينيين.
تحركات نتنياهو واختراقاته الدبلوماسية تصنف في المقابل ضمن سياسة "الفشل الكبير" لدبلوماسية السلطة الفلسطينية في صد تلك التحركات، رغم تمثيلها لقضية عادلة تظهر مظلومية الشعب الفلسطيني.
والأدهى من ذلك أن دبلوماسية السلطة لم تعمل حتى على محاولة إعادة ما خسرته القضية من أصدقاء ودول وضمهم إلى حلفها من جديد أو حتى مطالبتها بالتراجع عن تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال.
كانت أبرز الدول التي خسرتها فلسطين، الهند، بعد زيارة رئيس وزرائها ناريندرا مودي لكيان الاحتلال في 4 يوليو 2017 في أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي إلى الكيان.
كذلك زار نتنياهو، في سبتمبر، أمريكا اللاتينية، في جولة هي الأولى من نوعها لرئيس حكومة إسرائيلية منذ 1948، التقى خلالها زعماء الأرجنتين وكولومبيا والمكسيك، والبرازيل.
دبلوماسية غائبة
الأكاديمي والمحلل السياسي تيسير محيسن يؤكد أن جميع الشواهد تدلل على وجود تراجع في دبلوماسية السلطة الفلسطينية على الصعيد الدولي، أهمها نجاح الدبلوماسية الإسرائيلية في اختراق دول كانت مغلقة لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته.
ويقول لـ"فلسطين": "إن الهند في شرق أسيا تعتبر دولة وازنة على الصعيد الدولي، وتاريخيًا داعمة للشعب الفلسطيني، ومواقفها كانت مميزة، لكن خلال الفترة الماضية رأينا أنها شهدت تحولًا من حالة التأييد المطلق للقضية الفلسطينية إلى حالة التأييد المتوازن".
ويضيف محيسن: "ترجم ذلك من خلال الزيارة التاريخية التي قام بها رئيس وزراء الهند إلى الاحتلال، ومبادلة نتنياهو الزيارة، وزيارة أخرى لزيادة الحشد التجاري".
ويرجع نجاح كيان الاحتلال في تطبيق علاقات مع دول جديدة، إلى قصور دبلوماسية السلطة الفلسطينية الذي أدى إلى اندفاع الهند كمثال إلى توثيق العلاقة مع كيان الاحتلال.
ويشير محيسن إلى أن دولًا إسلامية عديدة في أفريقيا بدأت تدخل في علاقات مع كيان الاحتلال بفعل الإغراءات التي يقدمها لها كالدعم الاقتصادي والتكنولوجي، في ظل ضعف الدبلوماسية الفلسطينية، وتحشيدها للإمكانيات العربية في تعويض ذلك.
وتوقع أن يشهد عام 2019 نجاح كيان الاحتلال في اختراق دول جديدة، في حالة استمر الفعل الدبلوماسي الفلسطيني على منواله الحالي.
فشل متراكم
المختص بالشؤون الغربية د. مشير عامر، يؤكد أن كيان الاحتلال أحدث اختراقًا غير مسبوق في تطبيع علاقاته مع العديد من الدول العربية والإسلامية والدولية، نتيجة لفشل متراكم لدبلوماسية السلطة الفلسطينية.
ويقول عامر لـ"فلسطين: "العالم تحكمه المصالح وليس القيم والعواطف، ويوجد تجريم للمقاومة الفلسطينية في خطاب السلطة الرسمي وذلك يضعف من قوتها، ورؤيتها تجاه دولة الاحتلال، إضافة إلى مساعدة الدبلوماسية الإسرائيلية في الترويج لذلك.
ويوضح أن النظام السياسي الفلسطيني الداخل مشتت، ولا يوجد له برنامج وهدف سياسي واحد، وهو ما أضعف القضية الفلسطينية أمام العالم.
ويعتقد عامر أن السفارات والقنصليات، ومكاتب التمثيل الخاصة بمنظمة التحرير، دورها غائب في التحشيد للقضية الفلسطينية وقطع الطريق أمام المحاولات الإسرائيلية، ولا يجد لها أي دور فاعل.
وإن كان يرى أن الدبلوماسية الشعبية تنجح في بعض المواقف، مثل حملات مقاطعة كيان الاحتلال لكنها موسمية، وتحتاج إلى عمل منظم ضمن أجندة سياسية واضحة.