العزة لا تشترى ولا تباع، قالتها غزة ممثلة بحركة حماس في وجه الابتزاز الصهيوني، الذي لم يستطع إذلال غزة عسكريًا فأراد إذلالها عبر حاجتها الماسة إلى المال، في ظل الوضع الاقتصادي السيئ والأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعانيها القطاع المحاصر، إلا أن غزة تأبى إلا تلقين القريب والبعيد درسًا في الكرامة والعزة والشموخ، رغم الحصار الخانق.
المنحة القطرية كانت تفريجًا عن الشعب المحاصر والمكلوم، وهي حق وليست منة من أحد، إلا أن الاحتلال أبى التخلي عن نذالته وحقارته، فحاول ابتزاز القطاع المحاصر عبر جعل المنحة القطرية ورقة ضغط على حماس التي تحتاج إلى تخفيف الأوضاع الصعبة عن الشعب المحاصر، إلا أن مبادئ حماس وقيمها الراسخة أبت إلا العزة والكرامة ورفضت الذلة والمهانة كما عودتنا الحركة العملاقة بالرغم من عثراتها وأخطائها التي لا تغير من جوهر الحركة المدافعة عن الشعب الفلسطيني.
واليوم يعلم قطاع غزة من جديد العالم كله معنى العيش بكرامة وعزة، رغم الجوع والفقر والبطالة والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الشعب، يرفض أكل المال المغموس بالمذلة والخسة والضعة رغم الحاجة الشديدة والملحة، في ظل محيط محلي وإقليمي ودولي متربص بالقطاع حانق عليه مغتاظ منه.
فالمحيط الإقليمي يهرول للتطبيع مع الاحتلال ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية تماشيًا مع الإرادة الأمريكية والصهيونية، في إغلاق صداع القرن عبر صفقة القرن، ولكن غزة تأبى إلا تعليم الجميع أن الحر يبقى حرًا مهما تكالبت عليه الظروف وتجمع عليه الخصوم.
فالحرية والعزة والكرامة الإنسانية مبادئ لا تقبل المساس أبدًا في صدور الأحرار الشامخين، المعتزين بأوطانهم المدافعين عنها، الحاملين همومها، فلا عيش لهم مع الذلة والضعة، فالموت أهون عليهم من العيش الذليل.
والمحيط الإقليمي سيسعى إلى وأد غزة وكرامتها عبر المزيد من الضغط الخانق والإغراءات المالية والمعيشية، حتى يتسنى له بيع القضية الفلسطينية بضمير مرتاح غير مرتاب، ولجعل الشعوب العربية والإسلامية ترضى عن خطواتهم التطبيعية بزعم أن الفلسطينيين باعوا أرضهم ووطنهم بثمن بخس، فلماذا ندفع نحن ثمن قضية باعها أهلها؟