فلسطين أون لاين

ادعُ بالخير واسع فيه وتصدق فـ"لك بالمثل"

...
غزة- مريم الشوبكي:


من رحمة الله بعباده المؤمنين أنه تودد وتقرب إليهم ورغّبهم في فعل الخيرات، والاستباق إلى المبرات من وجوه عديدة، فمن جهة يحض عليها من دافع الحب، حينما يقول نبيه الكريم في أكثر من حديث: "أحب الأعمال إلى الله كذا وكذا".

ومن زاوية أخرى يدخر لفاعل الخير جزاءً عظيمًا لا يخطر على بال فاعله، وقد يدخر لفاعل الخير مثل ما قصده وتغياه، من مثل قوله (عليه الصلاة والسلام): «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ».

الدعاء

الداعية مصطفى أبو توهة قال: "الأمر الذي يحملنا على تحقيق وتقريب أمنياتنا وحاجاتنا الذاتية أن ندعو لمسلم بالشيء الذي نتمناه لأنفسنا، من مثل قوله (عليه الصلاة والسلام): (من فطّر صائمًا كان له مثل أجره، لا ينقص من أجره شيء)".

وتابع أبو توهة لـ"فلسطين": "الأحاديث في ذلك كثير، منها قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "الداعي للخير كفاعله"، وقوله (عليه الصلاة والسلام): (من دعا إلى الهدى كان له مثل أجر من تبعه إلى يوم القيامة)".

واستدرك قائلًا: "لكن الذي ينبغي أن نقف عنده أن هذه الأعمال التي تستدر أمثالها من الأجر والثواب ابتداءً وانتهاءً ينبغي أن تكون خالصة لوجه الله، مجردة من حظ النفس، ولا يبتغي فاعل الخير من وراء ذلك جزاءً ولا شكورًا، بمعنى أن يكون الدافع هو إخلاص الوجه لله، لأن ما دون ذلك زائل وفان".

وذكر أبو توهة أن الله (سبحانه وتعالى) ذكر في محكم تنزيله: " كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "، قال بعض العارفين أي كل شيء من الأفعال والأقوال هالك وزائل إلا ما كان لوجه الله (تعالى)، وهذه الغاية هي هم الصالحين الذين يرفعون شعار: " إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ".

وأشار إلى أن هذا ما فعله الصديق الذي كان يعتق الرقاب، فنزل فيه قوله (تعالى): " وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ "، فالراضون هم المتجردون بأموالهم وأنفسهم وأعمالهم من كل حظ قريب أو بعيد -اللهم- إلا مرضاة الله (جل وعلا).

التصدق

ولفت أبو توهة إلى أن الصدقة والعطاء خير مثال على ذلك العود الحميد من الله الكريم لذلك المتصدق، فقال (عليه الصلاة والسلام): "أنفق ينفق عليك"، وتحقيق الحاجات من وراء الصدقات هو نتيجة لقانون رباني أشار إليه قوله (تعالى): " فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7) ".

وبين أن اليسرى بمعناها الواسع والمنداح ماديًّا ونفسيًّا وروحيًّا، ويكفي أن الله (تبارك وتعالى) يعطي المنفق سبعمئة من أمثال ما أنفق، وفي ذلك ما أشار إليه قوله (تعالى): " مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ، وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ".

وذكر أبو توهة أن نبي الله حث على مداواة المرضى بالصدقة؛ فالصدقة تطفئ غضب الرب، وهي علاج نبوي، إذا تعثرت العلاجات المادية التي أمرنا بها؛ فباستطاعة المسلم الملهوف أمام هذا المرض المحرج أن يردفه بالصدقة على عباد الله.

الأعمال الطيبة

وأشار إلى أنها تعود عليه من حيث لا يعلم بالشفاء المأمول والعافية المرجوة، تحقيقًا لقوله (عليه الصلاة والسلام): "داووا مرضاكم بالصدقة"، ثم هي من زاوية أخرى قارب نجاة من غضب الله (عز وجل) على إنسان ربما اكتسب كبيرة أو إثمًا عظيمًا؛ فكانت الصدقة على عيال الله (تعالى) مدعاة لمرضاته، تحقيقًا لقوله (عليه الصلاة والسلام): "الناس عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله".

وبين أبو توهة أنه على العموم تنفع الأعمال الطيبة صاحبها في دنياه قبل أخراه، فقال نبي الله (صلى الله عليه وسلم): "صنائع المعروف تقي مصارع السوء".

وذكر قوله (عليه الصلاة والسلام): "من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عليه كربة من كرب الآخرة، ومن سعى في حاجة أخيه سعى الله في حاجته، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه".