فلسطين أون لاين

فلسطيني من خان يونس يحوّل ركام منزله إلى درع يحمي عائلته من الشتاء

...
المواطن عطوة أبو عية يحوّل ركام منزله إلى مواد صالحة لإنشاء بديل يسكن فيه وعائلته في محاولة للهرب من المنخفضات الجوية التي اقتلعت خيمته مرارا
خان يونس/ محمد أبو شحمة

بحركةٍ لا تخلو من اليقظة التي صقلتها الممارسة اليومية، يطرق عطوة أبو عية عيدان الحديد المستخرجة من ركام منزله المدمّر، في إطار جهوده الشاقة لتدعيم خيمته الهشّة، ومحاولة صدّ برد الشتاء ومياه الأمطار عن عائلته، وسط واقع إنساني قاسٍ يفرضه الدمار وانعدام بدائل الإيواء في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

ما فعله أبو عية يجسّد مشهدًا حيًا لإرادة الحياة رغم الدمار، بعد أن فقد كل شيء جراء العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة الجماعية، في ظل عدم إدخال المساعدات ومعدات الإيواء الكافية عبر المعابر، بسبب عدم التزام الاحتلال ببنود اتفاق وقف إطلاق النار.

ورغم مرور شهرين على انتهاء المرحلة الأولى من الحرب، ما تزال آلاف العائلات في قطاع غزة بلا مأوى دائم، خاصة في ظل عدم توفر الكرفانات وغياب برامج إعادة الإعمار الفاعلة.

يقول أبو عية بصوتٍ متعب لـ "فلسطين أون لاين": “معاناة الحياة في الخيام لا تُطاق، خاصة خلال فصل الشتاء القاسي؛ فالرياح تقتلع الأغطية، والمياه تتسرّب من كل اتجاه، لا دفء ولا خصوصية”.

وبعد أن فقد منزله في القصف، لجأ عطا إلى إقامة خيمة بسيطة فوق الركام، إلا أنّ تدهور الأحوال الجوية مع مرور الأيام جعل الشوادر غير كافية. ومع ارتفاع أسعار الأخشاب والمواد الأساسية، لم يجد أمامه سوى خيار واحد: استخدام الحديد المدفون تحت بيته المهدَّم.

ويضيف أبو عية: “حطّمت الباطون قطعةً قطعة، واستخرجت الحديد بأدوات بدائية، واستغرق الأمر شهرين كاملين من العمل الشاق”.

بهذه الكلمات يشرح أبو عية حجم الجهد الذي بذله لبناء سقفٍ حديدي صغير داخل خيمته، يحمي أطفاله من المطر ويمنحهم مساحة أكثر دفئًا للنوم.

ويتابع: “قصصت الحديد وعدّلته، ووضعته في هيكل يدعم الخيمة. هذه الأعمدة الحديدية أصبحت جدران بيتنا المؤقت، خاصة في ظل عدم توفر أي معدات إيواء، ولا حتى كرفانات، أو إسمنت لبناء غرفة واحدة”.

ويوضح أبو عية أنه لا يريد سوى مأوى آمن يحمي عائلته من البرد القارس وتسرب مياه الأمطار خلال الليل، خصوصًا مع المنخفضات الجوية التي تضرب قطاع غزة بين الحين والآخر في الأيام الأخيرة.

وداخل خيمة أبو عية ، استُخدم الحديد على امتداد الخيمة، إلى جانب تحويله إلى أسرّة للنوم بدلًا من النوم على الأرض، للحد من وصول الرطوبة إلى أجساد أطفاله وحمايتهم من برد الأرض.

ويستعد أبو عية لتطوير فكرته أكثر، عبر استخدام ما تبقّى من حديد منزله الذي دمّره الاحتلال في أشكال جديدة تخدمه وعائلته، وتخفف عنهم صعوبات الحياة بعد هدم منزلهم.

وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” قد أعلنت أن أكثر من 282 ألف منزل في غزة دُمّر أو تضرّر خلال حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي استمرت عامين.

وأوضحت الوكالة أن هذه المعطيات تستند إلى بيانات آلية المساعدات الإنسانية المعنية بالمأوى “التجمع العالمي للمأوى”، التي تُدار بشكل مشترك من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

وذكرت أنه وفقًا لتلك البيانات، تسبب القصف الإسرائيلي في تدمير أو تضرر أكثر من 282 ألف منزل في قطاع غزة، ما ترك عشرات آلاف العائلات بلا مأوى، واضطر الكثير منها إلى العيش في خيام خلال فصل الشتاء.

المصدر / فلسطين أون لاين