فلسطين أون لاين

​اجعل الأخلاق والقيم فعلًا تورثه أبناءك

...
غزة- مريم الشوبكي:


الأبناء مرآة آبائهم في أخلاقهم وسلوكياتهم، لذا إذا أردت أن تورث التزامًا خلقيًّا أو دينيًّا عليك أن تكون قدوة لهم، قيامك بهذا كله سيزرع فيهم فعلك على الفور، أما إذا استمررت في القول والحديث والعقاب دون التطبيق فلن يثمر ما تهدف إليه.

وأساس فساد الأبناء وانحرافهم اختلال في التكوين الأسري بعدم اتفاق الأبوين، أو عدم التزام أحدهما دينيًّا، أو عوامل وراثية جينية بحتة، والحل وفق الشريعة الإسلامية حسن اختيار الزوجة، ومحاولة الاتفاق على خطوط مشتركة للتربية بين الزوجين.

حسن الاختيار

رئيس رابطة علماء فلسطين برفح عدنان حسان بين أنه لتوريث الأبناء الالتزام بالقيم الفاضلة والأخلاق الحميدة بنى الإسلام الطريق على أسسه منذ البداية، ومرجعه للآباء والأمهات، لذا كان الإسلام محيطًا بقضية الأبناء بداية من حسن الاختيار، لأنه الركيزة في الآداب والمعاملات وأيضًا في الدين والعلم.

وذكر حسان لـ"فلسطين" أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ"، معلقًا: "فإذا غاب الدين عن هذه الأوصاف فلن تنشأ أسرة على الدين والأخلاق".

ولفت إلى تحذير الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الشريف: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".

وأشار حسان إلى أن حسن اختيار الأسماء يمنح قوة في الشخصية، أما إذا كان الاسم قبيحًا أو أعجميًّا فيورث نزعة غير سوية في نفس الأبناء، فعلى الوالدين ألا ينغرا بالتسميات المعاصرة، لأن الطفل حينما يكبر يعير باسمه، فالرسول كان يغير الأسماء القبيحة حينما غير شخصًا اسمه حرب إلى سلام.

إهمال الوالدين

وذكر أن انفتاح بعض المجتمعات على بعض أصبح أمرًا محفوفًا بالمخاطر، وأضحى العبء على الآباء شديدًا، وأيضًا التكنولوجيا والهواتف الذكية غزت البيوت لمنافسة الآباء في التربية، لذا كان عليهم دور عظيم في التربية أن يعلموا أبناءهم ماذا يشاهدون وماذا يقرؤون، واتباع كتاب الله وسنة نبيه، وإرسالهم إلى المساجد ليتعلموا كتاب الله (عز وجل).

وأرجع حسان انحراف الابن وعدم التزامه إلى إهمال الوالدين في تربية أبنائهما، فحينما يشب الأطفال على مرأى أب وأم لا يصليان ولا يزكيان ولا يصومان؛ فإنهم سيتعلمون منهما.

وشدد على أن التربية العملية مهمة جدًّا أكثر من النظرية، فلا يكتفي الأب بالترديد على مسامع أطفاله بأن الصدق منجاة وفضيلة محمودة، ولكن إذا وجدوه يتعامل بالصدق فسيقلدونه ويرسخ صفة الصدق لديهم.

وقال رئيس رابطة علماء فلسطين برفح: "إن الابن ليتعلق أمام الله (عز وجل) بوالده يسأله: (يا رب، سل والدي لم لم يعلمني شيئًا من الكتاب)".

وذكر أن رجل جاء إلى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يشكو إليه عقوق ابنه، فأحضر الخليفة الولد وأنَّبه على عقوقه لأبيه، فقال الولد: "يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟"، فقال: "بلى، أن ينتقي أمه، ويحسن اختيار اسمه، ويعلّمه الكتاب"، فقال الولد: "إنَّ أبي لم يفعل شيئًا من ذلك، فأُمي زنجية كانت لمجوسي، وقد سمَّاني جُعلًا (خنفساء)، ولم يعلّمني من الكتاب حرفًا"، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: "لقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يُسيء إليك".

وأشار إلى أن عقوق الأبناء الآباء مرده أغلب الظن سوء التربية العملية للآباء ابتداء، مؤكدًا أن تربية الأبناء النظرية إن لم يتبعها تطبيق عملي فإن مردودها على الأبناء عكسي.

وبين حسان أن الابن كالشجرة التي يرعاها الوالدان، بما تغذى ستعطي ثمارًا، فإن غذت بخير كان الثمر طيبًا مباركًا، وإن بشر كانت النتيجة كذلك، قال (تعالى): "من ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ"، و"من الذي يقرض الله قرضًا حسنًا"، أي أن نتقي الله بأن نحسن تربية الأبناء، كي ينالنا منهم في الكبر المودة والرحمة والعطاء.

ولتعويد الطفل العطاء ضرب مثالًا بالطلب من الطفل أن يدخر جزءًا من مصروفه اليومي، ويتصدق به آخر الأسبوع في المسجد، فبذلك يتعلم البذل والعطاء.