لا ينفك المنسّق الإسرائيليّ الجنرال كميل أبو ركن عن التدخل في الشئون الفلسطينية، وحشر "أنفه" في كل تفاصيل حياتهم، وتجلى ذلك بصفحته على فيسبوك التي أنشأها سلفه يوآف مردخاي منذ 2015، ووصل عدد متابعيها نصف مليون، ما دفع الصحفي الفلسطيني الغيور معتصم سقف الحيط لإطلاق حملته الفريدة من نوعها #احنا_أو_المنسق.
آخر وسائل تواصل المنسّق مع الفلسطينيين تمثل بإطلاقه البثّ الإذاعي على الإنترنت، عبر بث الأغاني العربية القديمة، تحضيرا لبث برامج تعالج مشاكل الفلسطينيين، وتسعى لحلها عند بدء بثها الكامل.
ستعمل إذاعة المنسّق على استقبال مكالمات فلسطينيّة محلّيّة من الضفّة وغزّة، لإيجاد حلول لمشاكل الفلسطينيّين المتعلّقة باستخراج تصريح سفر للخارج، والبحث عن عمل، فيتمّ حلّ المشاكل مع الوزارات الإسرائيليّة، ما يسوّق الإذاعة بين الفلسطينيّين، ويوجد لغة مشتركة لهم مع إسرائيل، بعيداً عن واقع الاحتلال، كما تسعى الإذاعة لتهميش السلطة الفلسطينيّة وحماس معاً.
لا أحد يعلم كيف سيكون تعاطي الفلسطينيّين مع إذاعة المنسّق، ما يتطلب من جهة البعض العمل على التشويش عليها فنّيّاً، وقبلها زيادة جرعة الوعي لدى الجمهور الفلسطينيّ تجاه خطورتها، وإبعاده عن متابعتها، مع أن المنسّق يدرك أنّ إذاعته تستطيع الوصول لأكبر شريحة من الفلسطينيّين، كالسيّدات في منازلهنّ، والشباب في المقاهي، وسائقي المركبات العامّة، مع وجود 70 إذاعة محلّيّة في الضفّة وغزّة.
يمكن اعتبار إذاعة المنسّق محاكاة لتجربة الإذاعة الإسرائيليّة باللغة العربيّة في السبعينيّات والثمانينات، حين بثّت برامج "أستوديو رقم واحد، أريد حلاًّ، على ذوقي، وملفّات القضاء"، وحظيت بمتابعة آلاف الفلسطينيّين والعرب، وبعد فترة علمنا أن بعض مقدمي هذه البرامج ليسوا سوى ضباط مخابرات إسرائيلية نجحوا بإسقاط عدد من المستمعين في حبائلهم الأمنية.
تأتي إذاعة المنسّق استكمالاً لاستخدام المنسّق التكنولوجيا المتطوّرة، بجانب صفحته على فيسبوك، وتطبيقات الهواتف الذكيّة، وشبكات الإنترنت اللاسلكيّ عند الحواجز والمعابر بالضفّة، وتطبيق تيليغرام.
لا تخفي إذاعة المنسق أنها تسعى لكسر الحواجز بين إسرائيل والفلسطينيّين، وزيادة تعاطيهم مع الإدارة المدنيّة، والتأسيس للسلام الاقتصاديّ، فكثير من الفلسطينيّين همّهم الحصول على تصريح عمل، ورخصة بناء، ودعم زراعيّ، وتأمل إذاعة المنسّق أن تنشئ علاقة منفتحة بين إسرائيل والفلسطينيّين.
كما أن إذاعة المنسّق تهدف لمتابعة المعلومات والأخبار من الفلسطينيّين، وسيستخدمها لبثّ روايته المستندة لرؤية الجيش الإسرائيليّ، لأنها إذاعة تعمل وفق أجندة أمنيّة، وتتركّز أعمالها على إسقاط الفلسطينيّين وتجنيد العملاء، وتشكّل خطراً عليهم، لأنّ هناك فريقاً كاملاً يساند المنسّق في عملها، وتحليل مكالمات المستمعين، لأنها ستضع أرقام اتّصال مجّانيّة.
أخيراً.. تشكّل إذاعة المنسّق تحدّياً أمام الفلسطينيّين، فهي تعلن أنّها تسعى لتحقيق حاجات الفلسطينيّين، ما قد يدفعهم لمتابعتها رغبة بتحسين أوضاعهم، رغم علمهم بالمخاطر التي قد تحملها لاستهدافهم، أو تجنيدهم في صفوف المخابرات الإسرائيليّة.