تنتشر كاميرات المراقبة في شوارع مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة بشكل مكثف، بعضها يتبع أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وأخرى لسلطات الاحتلال الإسرائيلية، علاوة على أن معظم المحال التجارية والعمارات السكنية والشوارع الفلسطينية مراقبة من خلال الكاميرات الرقمية.
وأما عن المناطق الخاضعة للاحتلال، فهناك مئات الكاميرات المنتشرة على مفترقات الطرق ومداخل المستوطنات والشوارع التي يستخدمها المستوطنون والجيش في تنقلاتهم بين المستوطنات والمعسكرات التابعة لهم، عدا عن الحواجز الإسرائيلية على مداخل المدن الرئيسة والتي تحمل فوق أبراجها العسكرية كاميرات عدة لمراقبة حركة المواطنين، حسبما أفاد ناشط فلسطيني.
وذكر الناشط لصحيفة "فلسطين" والذي فضّل عدم الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، أن حاجز "عطارة" العسكري التابع للاحتلال، الذي يقطع طريق بلدة بيرزيت شمال رام الله باتجاه نابلس، يحمل فوق برجه العسكري نحو 14 كاميرا مراقبة تراقب كل الاتجاهات المحيطة بالحاجز.
ولفت إلى أن الاحتلال نصب عشرات الكاميرات في مفترق قرية "جمع" الفلسطينية بين رام الله والقدس المحتلة، لمراقبة كل الشوارع الرئيسة والفرعية، عقب العمليات الفدائية التي نفذها الفلسطينيون هناك أواخر عام 2014.
السطور السابقة تلخص واقعًا مريرًا يعيشه الفلسطينيون، لا يختلف حالًا عن بقية مدن وبلدات وقرى الضفة الغربية، والتي أمست حركة المواطنين فيها مراقبة بنسبة 90% من الاحتلال وأذرعه الأمنية، إضافة إلى الكاميرات الفلسطينية الخاصة أو تلك التابعة لأجهزة أمن السلطة، ما يشكل خطرًا على أفراد المقاومة هناك، وفقًا للناشط.
الخطر على المقاومين
وأوضح الناشط أن عناصر المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية فطنوا لخطورة انتشار الكاميرات الإسرائيلية، ما جعلهم يرسمون خطوط انسحابهم من طرق خالية من الكاميرات الإسرائيلية، ولكن انتشار كاميرات المراقبة الفلسطينية زاد في تعقيد عملهم، حيث لا يخفى على أحد، أنه بعد تنفيذ المقاومة عمليات فدائية في الضفة، يسارع الاحتلال لاقتحام تلك المدينة ويصادر تسجيلات كاميرات منازلها ومحالها التجارية لتحليل المواد المُسجلة بحثًا عن المنفذين.
الخبير الأمني اللواء يوسف الشرقاوي، أكد أن هذه الكاميرات تشكل خطرًا على حياة المقاومين، وتعوق أعمالهم.
وقال الشرقاوي لصحيفة "فلسطين": "الاحتلال يكون أعمى وأطرش داخل المدن الفلسطينية، ويعتمد بشكل كبير على عملائه وجواسيسه المنتشرين بين الناس، لكن حديثاً ومع انتشار التكنولوجيا، أصبح يعتمد بشكل كبير على كاميرات المراقبة التي تشكل خطرًا على حياة المقاومين".
وشدد على ضرورة تجنب المواطنين ليكونوا سببًا في حصول الاحتلال على معلومات من شأنها توصلهم لأماكن اختباء منفذي العمليات، مضيفًا: "يمكن حل هذه القضية مع المواطنين بكل هدوء، وذلك بتوجيه عدسات كاميراتهم نحو داخل المحال أو البيوت نفسها، ولا داعي لمراقبة الشوارع".
ثقافة المقاومة
ودعا لتعميم ثقافة المقاومة بين المواطنين من خلال حماية ظهر المقاومة من حاضنتها الشعبية التي يريد الاحتلال كسره، مضيفًا: "مع أكل أسف السلطة الفلسطينية تساعد الاحتلال في كسرها".
وحول الاقتحامات شبه اليومية التي ينفذها الاحتلال لمدن الضفة، قال الشرقاوي: "أعتقد أن السلطة هي سبب ذلك، نظرًا لاختلاف التفكير بينها وبين الشعب، والسلطة التي تحترم نفسها تعطي حالة معنوية تطمئن شعبنا ويشاركها في الحكم، بل سيتعدى الأمر ذلك ويقف الشعب في وجه اقتحامات الاحتلال".
وتابع: "الأحرى بالسلطة إذا كانت حريصة على أمن المواطنين، وأنا أشك بحرصها على الأمن الجمعي للشعب الفلسطيني، أن تهب فيوجه الاحتلال وتمنعه من مصادرة تسجيلات كاميرات المدن، بل وتمنعهم من اقتحام المدن".
حملات إتلاف الكاميرات
من جهته أكد المختص في الشأن الفلسطيني ياسين عز الدين، وجود حملات توعية لنشر ثقافة المقاومة واحتضانها وحماية ظهرها من خلال دعوات بعض النشطاء الفلسطينيين لإتلاف تسجيلات كاميرات المراقبة الخاصة بهم في محيط أي منطقة تنفذ المقاومة الفلسطينية عمليات فدائية.
وبيّن عز الدين لصحيفة "فلسطين" أن هناك استجابة لدى المواطنين تجاه هذه الحملات، حيث إن العديد من المحال أزاحوا كاميراتهم بعيداً عن الشارع، كما أنهم أصبحوا أكثر حرصاً عند تركيب هذه الكاميرات.
وأردف: "نتكلم عن ثقافة المقاومة وهذه تحتاج لوقت وتكرار لكي تصل لغالبية المواطنين، إلا أن البعض سيبقى مصرًّا على الخطأ وبحاجة لمن يردعهم".
وأشار إلى أن تكرار اقتحامات الاحتلال لرام الله، والطريقة التي تسير فيها قوات الاحتلال، أمر يدلل على أن كاميرات المراقبة زودتهم بمعلومات، معتقداً أنها "معلومات قليلة".
فيما أكد عز الدين وجود كاميرات مموهة ينصبها الاحتلال في الأماكن المحيطة بالمستوطنات وعلى الطرق الخارجية في الضفة الغربية، مشدداً على أن الكاميرات المموهة أخطر بكثير من العلنية.
وحول كاميرات أجهزة أمن السلطة توجد داخل مناطق السلطة ولا تقل خطورة عن كاميرات الاحتلال لكنها أقل كفاءة عددًا ونوعًا، مضيفاً: "المعلومات لدى السلطة يجب اعتبار أنها لدى الاحتلال لأنها إما تسلم المعلومة إلى الاحتلال كما هي أو تستخدمها لملاحقة المقاوم".