خلافًا لموقف حكومته الرسمي، الذي يوصف بـ"الضبابي" إزاء الأزمة السورية فجّر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير داخليته أرييه درعي "مفاجأة" جديدة، بعد تصديقهما على برنامج لاستيعاب 100 طفل سوري يتيم، بحسب ما نشرته وسائل إعلام عبرية.
الخبر الذي نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، وبثته القناة العاشرة للتلفاز الإسرائيلي نص على التحضير والتخطيط لبرنامج استيعاب لهؤلاء الأطفال الأيتام، ففي الأشهر الثلاثة الأولى من وصول الأطفال إلى أراضي الـ(48) سيمكثون في مدرسة داخليّة، ثم سيُنقلون إلى مؤسسات تابعة لوزارة التربية، وربما يعثر على عائلات حاضنة لجزء منهم، أو عائلات ترغب بتبنيهم في "المجتمع العربي" ضمن كيان الاحتلال.
وبحسب ما ذكرت وسائل الإعلام هذه سيمكث الأطفال في المرحلة الأولى بصفة "سكان مؤقتين"، وسيحصلون على "هوية إسرائيلية"، وسوف يعاملون كـ"مواطنين إسرائيليّين"، ولكن لن يكون بحوزتهم جواز سفر إسرائيلي، وستفحص وزارة الداخلية في كيان الاحتلال الإسرائيلي وضعهم كل سنة، وستصدق على بقائهم مجددًا، ويتضمن البرنامج تقديم الاحتلال "ضمانات" للأمم المتحدة بأنه بعد مرور أربع سنوات سيتمكن هؤلاء الأطفال من البقاء مدى الحياة في فلسطين المحتلة.
إضافة إلى ذلك إذا اتضح في مرحلة متأخرة أن هناك أقرباء من الدرجة الأولى لهؤلاء الأطفال؛ فستُدرس إمكانية استيعابهم ولمّ شملهم بهم.
تندرج هذه التصريحات في سياق محاولة الكيان المستمرة للاستفادة من حروب المنطقة، ولاسيما في سوريا، وتسويق نفسه على أنه جزء من هذه المنطقة، ويتعامل بإيجابية مع الأزمات، ويهتم بحقوق الإنسان، ولاسيما الأطفال.
محاولة نتنياهو ستبوء بالفشل، لأن المنطقة العربية والإسلامية تعرف هذا الكيان جيدًا، وتعلم أنه آخر من يمكنه التحدث عن حقوق الإنسان والأطفال، كيان الاحتلال قد قتل عبر عناصره المنتشرين على الحواجز في الضفة الغربية المحتلة والمقطعة الأوصال أكثر من 100 طفل فلسطيني، العام الماضي، بحجج واهية، وعلينا أن نتذكر أيضًا أن المستوطنين الصهاينة الذين يرعاهم نتنياهو أحرقوا أطفالًا في الضفة الغربية، ونتذكر هنا عائلة الدوابشة، والطفل محمد أبو خضير الذي أحرق حيًّا.
يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى الخروج من مآزقه الداخلية وتحقيقات الفساد التي تطارده بأكثر من طريقة، من موضوع نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس، إلى الحرب في سوريا، والملف الإيراني، هناك أكثر من موضوع يحاول نتنياهو تصديره إلى الإعلام.
لن تمر هذه المحاولات على الرأي العام العربي والإسلامي من جهة، أو المؤسسة الصهيونية الداخلية، التي عندما تريد أن تفتح ملف أحد فإنه يكون لديها إحاطة بما لديه من أوراق ومحاولات لصرف النظر عن استجوابه في ملفات الفساد، ومن غير المستبعد أن تكون جهات متنفذة في المؤسسة السياسية والعسكرية الصهيونية قد بدأت بالفعل الإعداد لملف إزاحة نتنياهو عن المشهد، وتنصيب خليفة له، إذ نجد محاولاته لتبييض صفحته أمام الرأي العام قد وصلت إلى مراحل متقدمة.
محاولات قديمة جديدة لم تعد تنطلي حتى على مؤيدي نتنياهو وأنصاره، فالحاجة إلى استغلال الأزمة السورية، وتلميع صورة كيان الاحتلال على المستوى الدولي، بعد هجوم عدد من الإدارات الأجنبية عليه (إدارة أوباما في واشنطن، وإدارة هولاند في باريس)، والرغبة في صرف الأنظار عن مسلسل التحقيق معه في ملفات الفساد؛ أمور يمكن من قراءتها "فهم" دوافع هذه التصريحات وغاياتها.
والشعب السوري الذي فتح أبوابه وبيوته للفلسطينيين في نكباتهم وأزماتهم ونكساتهم وإبان تهجيرهم من أرضهم خلال عشرات السنين لا يزال يعد كيان الاحتلال العدو الأول له، ولنا أن نسأل: من سيرسل أطفاله إلى أحضان الأفعى؟!، ومن سيأتمن نتنياهو على مستقبل أبنائه؟!