تعمل الدبلوماسية الأمريكية في الأمم المتحدة على مدار الساعة من أجل إقناع مزيد من الدول للتصويت لصالح قرار يدين حركتي حماس والجهاد الإسلامي بسبب إطلاقها صواريخ على (إسرائيل).
وقالت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة في بيان لها: "إنّها كانت تأمل أن يتم التصويت على مشروع القرار الاثنين (الماضي)، لكنّ الضغوط التي مارستها البعثة الدبلوماسية الفلسطينية نجحت في إرجاء التصويت إلى الخميس المقبل".
ويتضمن مشروع القرار، إدانة "حماس لإطلاقها المتكرر لصواريخ نحو (إسرائيل)، ولتحريضها على العنف، معرضةً بذلك حياة المدنيين للخطر"، ويطالب مشروع القرار حركتي حماس والجهاد الإسلامي بأن توقفا كل الاستفزازات والأنشطة العنيفة، بما في ذلك استخدام الطائرات الورقية الحارقة.
وتناولَ مشروعُ القرارِ العمليةَ السياسية والمصالحة الفلسطينية ضمن تعديلات طالب بها الاتحاد الأوروبي لضمان تصويت دول الاتحاد وعددها 28 دولة لصالح مشروع القرار.
التعديلات على مشروع القرار تعاطت بازدواجية معايير من قبل الاتحاد الأوربي بحيث لم يتوازن مشروع القرار بإدانة العنف الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين، ولم يتناول إدانة اعتداء (إسرائيل) وانقلابها على التفاهمات التي رعتها كل من الأمم المتحدة ممثلة بالسيد نيكولاي ملادينوف ومصر وقطر، عبر اقتحامها قطاع غزة واغتيالها لسبعة شبان فلسطينيين في 11/11/2018.
القرار سيطرح على الجمعية العامة يوم الخميس المقبل للتصويت، ويتطلب تمريره موافقة ثلثي المصوتين، أي بحاجة إلى أكثر من 128 دولة حتى يتم تمرير مشروع القرار ويصبح أول قرار يصدر من الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين المقاومة الفلسطينية بشكل مباشر.
ما سبق يطرح تساؤلات مهمة: هل ستنجح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تمرير مشروع القرار..؟ وما هو سبب تحول الموقف الأوروبي؟ وما هي تداعيات القرار على حركة حماس والقضية الفلسطينية...؟ وما هو الواجب عمله لمواجهة هذا القرار وأي قرارات مستقبلية من هذا القبيل..؟
ما يتعلق بنجاح أو فشل تمرير القرار بمثابة اختبار حقيقي للدبلوماسية العربية والإسلامية وأحرار العالم، فما يتضمنه القرار لا ينبغي أن يمر على دول تحترم نفسها ودساتيرها ومنظومة قيمها، وفي حال كان الحكم ما سبق فإن فرص تمرير القرار قد تكون منعدمة، أما إن مارست الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي سياسة الترهيب والترغيب والتضليل، فإن فرص تمرير القرار ستكون متاحة رغم ترجيحي للسيناريو الأول بأن تفشل الجهود في تمرير القرار لو كان هناك وحدة موقف عربي إسلامي دولي ضد القرار، ولعبت دبلوماسيتنا دوراً بارزاً في دفع دول إفريقيا للتصويت ضد مشروع القرار.
ما يتعلق بتحول الموقف الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، رغم أنهم نجحوا في إجراء تعديلات مهمة إلا أنها غير كافية في ميزان العدالة الاوربية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأحيل تحول الموقف الأوروبي لسببين هما:
- مصالح الاتحاد الأوربي مع الولايات المتحدة و(إسرائيل).
- حالة الانقسام الفلسطيني وثنائية التمثيل السياسي بين فتح وحماس أضعفت الموقف الفلسطيني والقضية الفلسطينية في المحافل الدولية وهرولة بعض الدول العربية وغير العربية تجاه بناء علاقات سياسية ودبلوماسية مع (إسرائيل) ما شجع الاتحاد الأوربي لاتخاذ موقف كهذا.
إن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة وبذلك فإن تداعيات مشروع القرار في حال تم اقراره على حماس والقضية الفلسطينية سيكون معنوياً، وسيعبّر عن حالة المزاج الدولي تجاه مقاومة شعبنا وهو ما سينعكس لاحقاً على الدول أو الأفراد الداعمين للمقاومة الفلسطينية، ويدعم توجهات (إسرائيل) بأرهبة المقاومة وحركاتها في كل المحافل الدولية.
إن مواجهة مشروع القرار تبدأ من نقطة استعادة مكانة وحضور القضية الفلسطينية في الأوساط الشعبية والرسمية، واستعادة الوحدة الوطنية، وعدم نقل حالة الانقسام إلى المحافل الدولية، وتنشيط الدبلوماسية الشعبية والرسمية بالخارج عبر إعادة تقييم لدورها ونشاطها في كل المستويات.
مطلوب من حماس التنسيق مع الدبلوماسية الفلسطينية لاستغلال علاقاتها الشعبية والدولية لا سيما مع روسيا والدول العربية والإسلامية وبعض دول أمريكيا اللاتينية، لمواجهة القرار وإفشاله، والعمل على عدم تكرار طرحه في المحافل الدولية، مع ضرورة الاستفادة من سلوك المقاومة المنسجم مع القانون الدولي، وتحذيرها المتكرر لإخلاء المدنيين لحظة المواجهة العسكرية، وتوضيح ذلك للدول وللشعوب.
الخلاصة: إن الإدارة الأمريكية وحلفاءها يريدون كسر حالة الروتين التقليدي التي تمثلها الجمعية العامة للأمم المتحدة في دعمها للقضية الفلسطينية، عبر مواجهة ذلك بقرارات إدانة للشعب الفلسطيني من أجل تفريغ القرارات الداعمة لنا كفلسطينيين من مضمونها السياسي والقانوني، وهذا يتطلب وحدة موقف لمواجهة هذا التحدي الجديد.