متضررون: لماذا لم تستأنف الوكالة بدل الإيجار ما دام تراجع عجزها المالي؟
أبو حسنة: اللجوء للمدارس يهدد التعليم.. ونسعى لإيجاد الدعم لبرنامج الطوارئ
سرحان: 2700 عائلة لا يتوافر تمويل لإعادة بناء مساكنها المدمرة بغزة
إبَّان العدوان الموسع لجيش الاحتلال على قطاع غزة المكتظ سكانيًّا صيف 2014، تحولت مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إلى ملاجئ للمدنيين الفارين من هول القصف والمجازر الإسرائيلية، لكن على ما يبدو أن بعضها سيتحول مجددًا إلى أماكن إقامة لـ1612 عائلة لم تُبنَ بيوتها طيلة السنوات الماضية.
وكانت "أونروا" أوقفت بدل الإيجار عن هذه العائلات بدعوى الأزمة المالية التي واجهتها إثر تقليص ومن ثم وقف واشنطن التمويل المقدم للوكالة ضمن سلسلة قرارات صادرة عن رئيس الأمريكي دونالد ترامب، واستهدفت قضية اللاجئين وحق العودة.
وأثار قرار "أونروا" هذا حنق العائلات المتضررة من العدوان الإسرائيلي.
وقال علاء الكفارنة صاحب أحد البيوت المهدمة في عزبة بيت حانون، شرق بلدة بيت حانون، شمال قطاع غزة، إن "أونروا" لم تعطِه بدل إيجار للشهر السادس تواليًا.
وكانت الوكالة تدفع للمتضررين من العدوان بدل إيجار يتراوح بين 200-250 دولارًا، ضمن برنامج الطوارئ لدى "أونروا" الذي انهار تمامًا، كما تقول، بفعل الأزمة المالية.
لكن الكفارنة، الذي يعيل أسرة مكونة من 5 أفراد، تساءل خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين": "بما أنه تراجع العجز المالي لديها، لماذا لم تستأنف "أونروا" دفع بدل إيجار للمهدمة بيوتهم؟".
وتابع: "كانت أونروا تعطيني 225 دولارًا للشهر الواحد، والآن لا أحصل منها على شيء".
وأضاف: إن "لم تقرر الوكالة تقديم بدل إيجار سألجأ وعائلتي خلال 48 ساعة إلى إحدى مدارس الأونروا، والإقامة فيها حتى بناء منازلنا أو إيجاد مساكن بديلة".
والتزمت "أونروا" دفع بدل إيجار لـ1612 عائلة منذ انتهاء العدوان الذي استمر 51 يومًا، حتى نهاية يوليو/ تموز الماضي، بعدما أخرجتهم من مدارسها التي اتخذها أصحاب البيوت المدمرة ملجأ لهم في إثر تدمير قوات الاحتلال بيوتهم.
وهذا ما جرى بالتحديد مع المواطن عبد الكريم العامودي، من سكان أبراج حي الندى في أقصى شمال القطاع، والذي يسكن بالإيجار منذ دمر الاحتلال جزءًا من شقته السكنية، ويدفع بدل إيجار منذ 5 أشهر من ماله الخاص.
وقال العامودي لـ"فلسطين"، إن المنطقة التي يسكن فيها شهدت دمارًا موسعًا بفعل العدوان الإسرائيلي، ومنذ انتهاء العدوان، لم يعِد أحد بناء شقته السكنية.
وأضاف أن وقف بدل الإيجار تزامن مع الأزمات التي يعانيها الموظفون الحكوميون التابعون لحكومة غزة، وموظفو السلطة كذلك.
وأشار إلى أنه شارك في فعاليات ميدانية احتجاجًا على وقف دفع بدل الإيجار، طالب خلالها المتضررون مدير عمليات "أونروا" في غزة ماتياس شمالي، بإعادة دفع بدل الإيجار للعائلات المهدمة منازلها.
وكانت الوكالة الأممية تدفع لهؤلاء بدل الإيجار ضمن برنامج الطوارئ الذي أصبحت ميزانيته صفرًا، كما يقول الناطق باسم "أونروا" بغزة عدنان أبو حسنة، الذي أشار إلى تراجع العجز المالي من 464 مليون دولار إلى 21 مليون.
وشدد أبو حسنة في تصريح صحفي لـ"فلسطين"، أن لجوء أصحاب المنازل المهدمة إلى المدارس: "سيشكل سابقة خطيرة من شأنه أن يهدد المنظومة التعليمية ككل، وسيصبح 280 ألف طالب وطالبة في الشارع، وأونروا لم تقرر ذلك لكن عدم وجود تمويل تسبب بذلك".
وأضاف: "نحن نحاول إعادة إحياء برنامج الطوارئ الذي يتعامل مع نتائج الحروب والحصار في قطاع غزة الذي ما زال محتلًا ومحاصرًا وفق القانون الدولي، وكذلك في الضفة الغربية المحتلة".
واستدرك أن وكالة الغوث على موعد جديد مطلع 2019، مع أزمة مالية جديدة "لذلك سنواصل حملة الكرامة لا تقدر بثمن، وقد وقعت أونروا اتفاقيات مع مؤسسات في تركيا وإندونيسيا، وسنواصل توسيع قاعدة المانحين بعدما حصلنا على قرار من منظمة المؤتمر الإسلامي لإنشاء وقفية للأونروا".
وأشار إلى أن قيمة العجز 360 مليون دولار، وهي قيمة التمويل الأمريكي المتوقف.
وتابع: "سنبذل جهودًا جبارة للحفاظ على البرامج الرئيسة والأساسية وهي التعليم والصحة".
لكن في مقابل ذلك، قال وكيل وزارة الأشغال بغزة ناجي سرحان: ما دام تراجع العجز المالي لدى الوكالة، فيجب دفع بدل إيجارات للمتضررين من العدوان حتى إعادة بناء منازلهم، وسنتواصل مع الوكالة بهذا الأمر.
وبين سرحان لصحيفة "فلسطين"، أن 1612 عائلة جزء من قرابة 2700 عائلة هدمت منازلها ولم تبنَ بعد منذ انتهاء العدوان، ولا يوجد تمويل لإعادة بناء مساكنها حتى الآن.
وحول طبيعة دعم المانحين، أشار إلى أن برامج بدل إيجار، وأضرار جزئية، وأضرار كلية، تُعرض على المانحين؛ ومن ثم المانح يختار المنحة التي يريد تقديمها، وإذا جاء بدل إيجار يُدفع للمتضررين، وإذا لم يأتِ بدل إيجار، لا يُدفع لهم.
وبحسب سرحان، فإن اختيار الحاصلين على بدل إيجار وفق شروط ومعايير، ومن يستحق ذلك هو كل مواطن كان ساكنًا في بيته في أثناء الهدم، والمواطن الذي لم يكن ساكنًا في بيته ولديه بديل لا يدفع له إيجار، وهذا وفق شروط أنظمة الوكالة والـUNDP.
ونبَّه إلى أن عائلات هدمت منازلها لم تكن تستحق بدل إيجار لامتلاكها مسكنًا بديلًا، لكنها تستحق إعمار بيتها المدمر بآلة الحرب الإسرائيلية.
وأضاف: "نحن في الوزارة مع منح كل من هدم بيته وليس له بديل، وسوف نتواصل مع الوكالة في هذا الجانب، حتى نعرف ما السبب لعدم دفع بدل الإيجار (...) ربما لا يوجد تمويل، لكن هناك فرق بين من يقول لا أريد الدفع، ومن يقول لا يتوافر تمويل".