فلسطين أون لاين

مديرتها: من بين الركام سنواصل

احتلال يقصف "شهد" وأطفال يتساءلون: هل ألعابنا ترهبه؟

...
نافذة الروضة
غزة - مريم الشوبكي

مشت "ندى" بخطى متثاقلة على الزجاج المتناثر على أرض روضتها، التفتت حيث صفها "الأورانج" كما تسميه، سرعان ما تشبثت بخالتها وارتمت في حضنها، تشيح بوجهها عن مشهد الزجاج الذي غطى الكرسي والطاولة حيث تجلس، والملصقات التي مزقت، والجدران التي تشققت.

تساءلت "ندى" ذات الخمسة أعوام ببراءة: "هيك صارت روضتنا وصفنا، بدنا نصير ننجرح لما نرجع عليها"، لم تستوعب الصدمة بعد حتى تلجم لسانها عن الحديث بعدها ولم تستطع الرد على تساؤلات الصحفيين، ولكن عيونها كانت تحكي عن الألم والصدمة التي تملأ قلبها.

التطوع لإصلاح الروضة

فجر يوم الثلاثاء الثالث عشر من الشهر الجاري فجع أهالي منطقة "جامع الكنز" في حي الرمال، بتحذيرهم من قصف عمارة اليازجي، وهما عمارتان ملاصقتان لبعضهما البعض تعودان لأخوين من ذات العائلة، دقائق حتى هوت العمارة المستهدفة وسببت دمارًا وخرابًا في المساكن القريبة والتي كانت إحداها روضة وحضانة شهد.

مريم حامد خالة ندى، تؤكد أنها عازمة على التطوع لإعادة الروضة كما كانت قبل قصفها، وتقديم المساعدة لمديرة الروضة لإعادة ترتيب وتنظيف الروضة لكي تستعد قريبًا لاستقبال الأطفال وإكمال المسيرة التعليمية لهم.

وتقول حامد لـ"فلسطين": "سنرسل أطفالنا لمواصلة تعليمهم في الروضة حتى لو كانت ركامًا، نحن أصحاب الأرض في النهاية ولن نستكين ولن نهزم مهما أمعن الاحتلال في التدمير، سننفض الغبار ونعود للحياة من جديد".

وتضيف: "سألتني ندى هل ستعود لتتعلم في الروضة وإذا ما كان الاحتلال الإسرائيلي سيقصفها مجددًا، هدأت من روعها وأخبرتها أننا سنساعد مديرة الروضة والمعلمات لتعود الروضة كما كانت في السابق".

وتساءلت حامد: "ماذا يريد الاحتلال الإسرائيلي من رياض الأطفال، هل الأطفال يحملون الصواريخ، وهل الروضة قاعدة لإطلاقها، مم يخافون؟، هل ترعبهم ألعابهم؟".

لا مكان آمن

أما ميساء أبو العوف التي جاءت تتفقد ما حل بروضة أختها "مرام" من تدمير، علامات الصدمة بادية على وجهها من حجم الأضرار التي لحقت بها وتناثر الألعاب والكتب والكراسات على الأرض، ورائحة الدخان تزكم الأنوف.

تقول أبو العوف لـ"فلسطين": "نسكن بالقرب من الروضة، حينما قصفت عمارة اليازجي صرخت أختي واحتمت بحضني، تملكها الرعب من أصوات الصواريخ، حتى الآن تخاف التحرك في البيت وحدها إلا بمرافقة أحدنا".

وتتابع: "استيقظت مرام باكرًا تريد الذهاب إلى الروضة، وحينما أخبرتها أن الروضة قد قصفت حزنت كثيرًا، وأصرت على النزول لتفقدها".

وتشير أبو العوف إلى أنه لا مكان آمن في غزة، حتى رياض الأطفال باتت تقصف.

مواصلة المسيرة

ومن جهتها أكدت مديرة روضة وحضانة شهد أحلام اليازجي أنها ستواصل المسيرة التعليمية باستقبال الأطفال في مرحلتي التمهيدي والبستان بعد إعادة ترتيب الروضة وإصلاح الدمار الذي لحق بها.

وأشارت اليازحي لـ "فلسطين" إلى أن جدران الروضة تشققت، وتدمرت الشبابيك بالكامل، وتضرر أثاثها، أما مبنى الحضانة المستقل عن الروضة، تدمرت إحدى غرفه بالكامل، وتشققت جميع جدرانه.

وطمأنت أهالي الأطفال بأن إصلاح الروضة لن يطول وسيعود الأطفال لمقاعدهم بعد أسبوع، أما الحضانة بسبب الدمار الكبير فيها، سيتم نقلها إلى مكان آخر لأنها تحتاج لوقت أكبر للتصليح.

روح الأخوة

وعمارة اليازجي التي أصبحت أثرًا بعد عين تعود لأخيها، تساءلت: "لماذا قصفت، هي عمارة سكنية، يقطنها أطباء ومهندسون، وبها مركز تعليمي للغات لم يفتتح بعد، هل العلم يرهبهم؟".

وتلفت اليازجي إلى أن بعض رياض الأطفال استعدت أن تجعل مقراتها تحت تصرفها لكي تنقل الطلاب فيها ليكملوا فصلهم الدراسي الحالي.

تقول: "روح الأخوة تجلت في مالكي رياض الأطفال، وجدت تعاطفًا وتعاضدًا منهم في محنتي، لم يتخلوا عني، بل الجميع قدم لي يد المساعدة".

وتؤكد اليازجي أنها ستحاول الوقوف مرة أخرى، والعودة أفضل من الأول، لأن مقاومة الشعب الفلسطيني تأتي من خلال تعليمه.

وتبين أن الأطفال صدموا من هول ما رأوا من دمار في روضتهم حيث يقضون أجمل وأمتع ساعات يومهم فيها، منبهة إلى أنها ستقدم لهم علاجًا نفسيًا بالتعاون مع اختصاصيين نفسيين، لمحو الصدمة وآثار الخوف التي عاشوها خلال الأيام الماضية.

ووجهت اليازجي تساؤلًا للمجتمع الدولي الذي يحمي الاحتلال: "حينما تقصف المقاومة صاروخًا على (إسرائيل) تقيمون الدنيا ولا تقعدونها وتنعتوننا بالإرهابيين وتقفون ضد شعب أعزل، أما هي فتقصف وتدمر أبراجًا وبيوتا سكنية ورياض أطفال ولا تحركون ساكنًا".