فلسطين أون لاين

السكري والسرطان.. هدفان تحت مجهر الباحثة "عبير القططي"

...
صورة أرشيفية
غزة - مريم الشوبكي


معاناة والدتها لمدة 15 عاما مع السرطان، دفعتها نحو التفكير في إجراء أبحاث علمية حوله، على أمل أن تكتشف تقنية جديدة للكشف المبكر عن المرض الذي فتك بوالدتها إلى أن توفيت، وبمشاركة فريق طبي ألماني توشك على تحقيق ما تطمح إليه، بالإضافة إلى توصلها لعلاج يستفيد منه مرضى السكري، ولكنه ما يزال في طور الاختبار قبل طرحه في الأسواق.

الدكتورة عبير القططي، باحثة من مدينة غزة فازت مؤخرا بجائزتين للأبحاث العلمية، الأولى كانت مع فريق بحثي ألماني لتطوير وتطبيق الكشف المبكر عن مرض السرطان، والثانية مقدمة من اليونسكو بالشراكة مع رويال، وهي "زمالة من أجل المرأة في العلم".

تقنيات جديدة

الباحثة القططي (44 عاما) مختصة في علم الخلايا، تشغل منصب أستاذ مساعد في كلية العلوم الطبية التطبيقية في جامعة الأزهر، حصلت على درجة البكالوريوس في الطب المخبري من الجامعة الأردنية، ونالت درجة الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية، وحصلت على الدكتوراة في العلوم الطبية المخبرية من ألمانيا.

تحدثت "فلسطين" مع القططي التي نالت مؤخرا جائزتين للأبحاث العلمية، حول العوامل والأسباب التي ساعدتها في تحقيق هذا النجاح والتفوق في مجال عملها على مستوى عالمي.

قالت: "رغبتي في مساعدة المرضى بمرض السكري والسرطان هي الدافع الرئيسي الذي وجّهني لإجراء أبحاثي حول هذين المرضين، لا سيما أن نسب الإصابة بهما مرتفعة في قطاع غزة، وطمحت من خلال أبحاثي لاكتشاف تقنيات جديدة لعلاج المرضين مبكرا".

وأضافت القططي: "معاناة والدتي مع مرض السرطان لمدة 15 عاما، كانت السبب في توجهي نحو التخصص في علم وظائف الأعضاء والغدد الصماء أثناء دراستي لنيل درجة الدكتوراة، وذات المعاناة أيضا هي التي دفعتني لإجراء أبحاث على مركبات كيميائية لاكتشاف علاج لهذا المرض".

وبينت أنها تقترب من التوصل لعلاج لمرض السكري، وذلك في بحث يعد الأول من نوعه، وبمشاركة باحثين من جامعة "كلورادو" الأميركية، وقد ينتج عن هذا البحث اكتشاف مادة كيميائية يمكن أن تكون بديلا لحقن الأنسولين التي يستخدمها مرضى السكري.

وأوضحت الباحثة القططي أنها توصلت خلال بحثها إلى أن هرمون الأنسولين يعد الوحيد القادر على زيادة نشاطية الجين المسؤول عن مستقبلات الأنسولين في خلايا (RBL-2H3)، وأن المادة الكيميائية (BMOV) هي الوحيدة القادرة على زيادة نشاطية الجين المحدد لنواقل الجلوكوز من النوع الرابع في خلايا (RBL-2H3)، سواء تعرضت الخلايا لهذه المادة الكيميائية لمدة ساعة أو 24 ساعة.

وذكرت أن هرمون الأنسولين والمادة الكيميائية (BMOV) يعملان على تنظيم مستوى الجينات المسؤولة عن نشاط إنزيم (AMPK) في خلايا (RBL-2H3)، بحيث يعد هذا الإنزيم عاملا مهما جداً في تنظيم نسبة جلوكوز ودهون الدم وتنظيم ضغط الدم فيما لو تم تنشيطه ببعض المحفزات الكيميائية.

التخفيف عن المرضى

وأفادت أن المادة الكيميائية يمكن أن تصنعها شركات الأدوية، ويمكن أن يأخذها المريض على شكل حبوب، منوهة إلى أنها تختلف عن حقن الأنسولين الذي يُعد مادة بروتينية، بينما منتجها هو مادة كيميائية عضوية يتم تناولها على هيئة حبوب لتخفيف آلام المريض من الحقن.

وفيما يتعلق بأبحاثها لاكتشاف تقنية جديدة تساهم في الكشف المبكر عن مرض السرطان، قالت الدكتورة إن بحثا شاركت به في ألمانيا درس الكشف عن أحماض نووية جزيئية صغيرة تسمى "Micro RNAs"، وهي تستخدم كعلامات للكشف المبكر عن سرطان البروستات.

ونبهت الدكتورة القططي إلى أن بحثها لم يكتمل بسبب ظروف أسرية، وحاليا بعد نيلها جائزة "رويال"، ستسافر لتكمل أبحاثها وتجاربها على المادة الكيميائية وتأثيرها على الخلايا.

وعن الدور الذي لعبته الأسرة في دعمها وتوفير الأجواء المناسبة لها لتحقيق إنجازاتها العلمية، تحدثت: "الداعم الأول لي هما والدي ووالدتي، بالإضافة إلى زوجي الذي كان دوره فعالا في توفير الأجواء الأسرية والإمكانيات المادية لكي أستطيع استكمال أبحاثي".

وأوضحت القططي: "حينما حصلت على منحة لدراسة الماجستير في الولايات المتحدة، ذهبت برفقة زوجي وأولادي لأن مدة إقامتي هناك استمرت خمس سنوات، وما كنت لأحقق أي انجاز علمي دون مساعدته لي في رعاية الأبناء في غيابي، واضطراره للعمل في هذه السنوات ليتمكن من توفير مصاريف السكن والمعيشة".

ونوهت إلى أن العائق الوحيد أمامها لاستكمال أبحاثها هو الحصار الاسرائيلي وإغلاق المعابر، مما تسبب في عرقلة سفرها لأكثر من مرة، ولكنها لم تيأس فاستمرت في السعي للسفر حتى نجحت، وهذا ما تعزم عليه حاليا أيضا.

مقومات الإنجاز

وقدمت الدكتورة القططي نصيحة لمن لديه طموح وقدرات بحثية عالية، بالسعي نحو الحصول على منح خارجية باعتبارها فرصا تساعده على تحقيق ما يريد، مع التركيز على إجراء أبحاث تساعد المرضى.

وأكدت أنها تشجع كل باحث وطالب على الاهتمام بتخصص الطب المخبري والأبحاث، ومواصلة السعي دون يأس من الأوضاع الصعبة التي تمر بها غزة، معبرة عن قناعتها بأن: "الحياة عبارة عن فرص، عليهم أن يحاولوا استثمارها بأفضل شكل".

وشددت الباحثة القططي على أن مقومات تحقيق إنجازات في مجال الطب المخبري هي الإصرار والعزيمة والإرادة والقدرات العقلية والعلمية، وأن يكون الشخص ذا كفاءة علمية ونشيطا ومثابرا ودؤوبا، مع تميّزه بالقدرة على التحمل والصبر لأن الحصول على النتائج لا يتحقق بسهولة.

وعن طموحاتها المستقبلية، بينت القططي أنها ستكمل أبحاثها العلمية وستركز على مرضى السرطان والسكري، حتى تتوصل إلى نتائج علمية توفر من خلالها علاجا ناجعا لتخفيف آلام المرضى.