لا يختلف اثنان أن المتضرر الأول من الانقسام الداخلي هو الشعب الفلسطيني داخل أراضي السلطة الفلسطينية، وقد وقع عليه ظلم كبير إذ أصبحت الحياة في قطاع غزة لا تطاق، وقد شارف الشعب فيه على الانفجار في وجه المحتل الإسرائيلي المتسبب الأول في معاناة سكانه، ولا يعيش سكان الضفة الغربية حياة رغيدة بل الأغلبية تعيش في فقر مدقع وصراع مع لقمة العيش، ولذلك نقول إن الشعب هو أول المتضررين لأنه يعيش حياة غير مستقرة اقتصاديًّا، وقضيته الوطنية تأثرت سلبًا بالانقسام.
الفصائل الفلسطينية بعد عشر سنوات تأثرت سلبًا بالانقسام، ولكن بدرجات متفاوتة جدًّا، حركة حماس تأثرت بالانقسام، خاصة في الضفة الغربية حيث كبلت وضغط على أنصارها، وكذلك حصل لحركة فتح في قطاع غزة، وأيضًا عانت حركة حماس من ضغوط شديدة في إدارتها لقطاع غزة، ومازالت الضغوط مستمرة، ولكنها أقل شدة من أوقات سابقة، ولكن من ناحية ثانية استطاعت حركة حماس أن تحافظ على وحدة صفها طيلة سنوات الانقسام، وتعاظمت قوتها العسكرية وأصبحت أكثر قدرة على مواجهة أي تهديد إسرائيلي، وأكثر تمسكًا بنهجها المقاوم.
أما حركة فتح فقد تضرر صفها الداخلي بأضرار قد تكون غير قابلة للترميم، وبرنامجها السياسي تعطل وتراجع، وأصبح الانقسام عقبة أساسية أمام تحقيق أهدافها، بل أصبح ذريعة للمحتل الإسرائيلي للتملص من التقدم في التسوية السياسية، بالأمس قال من يسمى وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان: "إن الرئيس الفلسطيني ليس لديه شرعية، لأنه يحكم الضفة وحماس تحكم غزة فمع من نعقد الاتفاقات؟!"، ولهذا قال السيد عزام الأحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية: "إن الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على صدور شعبنا لن ينتهي في ظل استمرار الانقسام"، وهو يقصد أنه ما دام الانقسام مستمرًّا لن يكون لمنظمة التحرير التمثيل الكامل للشعب الفلسطيني لتكون مؤهلة إلى اختراق المجتمع الدولي حقيقة.
أما باقي فصائل منظمة التحرير فأبت أن يكون لها دور رئيس طيلة سنوات الانقسام، واكتفت بالاصطفاف في المناكفات السياسية إلى جانب حركة فتح، واستغلال الأزمات في غزة للظهور بمظهر المقهور والغيور على مصالح الناس، ولكن ذلك لم يساعدها على ترميم شعبيتها، باستثناء الأسابيع الأخيرة إذ باتت تعجبك أقوالهم ووعودهم بالعمل بحيادية فيما يتعلق بتنفيذ المصالحة، ونرجو لهم الثبات على هذا النهج، أما حركة الجهاد الإسلامي فتحاول في العمل السياسي الموازنة في التعامل بين فتح وحماس، وإمساك العصا من الوسط، ويحسب لها تمسكها بنهج المقاومة، ولابد في النهاية من الإشارة إلى أن أطرافًا خارجية حاولت تقديم فصائل وشخصيات فلسطينية إلى الواجهة بديلًا عن فتح وحماس، ولكن تلك الأطراف فشلت بسبب عدم معرفتها بتعقيدات المعادلة الفلسطينية الداخلية.