يظل الحديث عن مواجهة مشروع ضم الضفة الغربية بلا معنى طالما لم يقف الشعب الفلسطيني أمام نفسه، ويراجع المرحلة السياسية السابقة، ويحاسب المسئولين عنها، ودون ذلك فالكذب هو سيد الموقف، والتفريط بالأرض هو النتيجة العملية للتصفيق أو الصمت.
فقد أكد رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية "شيلا إلدار" أن البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) سيمرر قريباً مشروع قرار لضم الضفة المحتلة لإسرائيل، وأنه حصل على تعهدات من وزراء ونواب حزب الليكود ومن قادة حزب "البيت اليهودي"، بأن يتم سن قانون يشرع ضم الضفة الغربية، وسيكون هذا المشروع على رأس أولويات كتل اليمين البرلمانية".
وذكرت صحيفة "معاريف" أن نائب وزير الحرب الحاخام إيلي بن دهان، القيادي في "البيت اليهودي" كان قد قال: إن ضم يهودا والسامرة (الاسم العبري الذي يطلق على الضفة الغربية) هو أمر الساعة، وإن الظروف الإقليمية والدولية تسمح بذلك، وكان وزير التعليم "نفتالي بينيت" قد اقترح ضم الضفة الغربية بالتدريج، حيث يتم في البداية ضم مناطق "ج"، التي تشكل 62 في المائة من مساحة الضفة الغربية.
وكانت وزيرة العدل الإسرائيلية "أياليت شاكيد" قد قالت في حديث للإذاعة الإسرائيلية: إنها قامت بتشكيل طاقم مع وزارة الدفاع، لبحث سبل تطبيق القوانين الإسرائيلية على المستوطنين في الضفة الغربية بعد تحويلها إلى أوامر من قبل الحاكم العسكري للمناطق.
إن كل ما سبق من حديث إسرائيلي ليؤكد أنهم سائرون عملياً في تشريع قوانين ضم الضفة الغربية دون الأخذ بعين الاعتبار اعتراض السلطة الفلسطينية، ودون الالتفات للشجب والاستنكار والإدانة الصادرة عن وزارة الخارجية الفلسطينية، فالقادة الإسرائيليون يستندون إلى الوقائع التي تفقأ عين كل معاند للواقع الذي يصنع تفاصيله اليهود، والذي يقول:
في المنطقة التي سمتها اتفاقية أوسلو "ج" والتي تبلغ مساحتها 62% من مساحة الضفة الغربية، بلغ عدد المستوطنين اليهود 400 ألف وفق حديث وزير التعليم "نفتالي بينيت"، وبلغ عدد اليهود 408 آلاف وفق حديث وزير الحرب "موشي يعلون"، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الرقم يستثني يهود مستوطنات مدينة القدس ومحيطها، والبالغ عددهم حوالي 300 ألف يهودي.
وفي نفس المنطقة التي سمتها اتفاقية أوسلو "ج" بلغ عدد السكان العرب 70 ألف عربي فلسطيني فقط باتفاق جميع المصادر، يتعرضون للاعتداءات والمطاردة ومصادرة الأرض والتضييق على الحياة. ومعنى ذلك أن منطقة "ج" والبالغة مساحتها 62% من أرض الضفة الغربية قد صارت يهودية بسكانها اليهود الذي يبلغ عددهم ستة أضعاف سكانها العرب، ولهم الحق في استثمار المنطقة، والاستفادة منها، وتطويرها وتدميرها وفق رغبتهم ومصالحهم.
وكي يواجه الفلسطينيون قدرهم لا بد من الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- هل تنامي عدد اليهود وتناقص عدد العرب في منطقة "ج" تم بشكل عفوي، أم بشكل منظم، ووفق خطة استيطانية متكاملة؟
2- أين كان القادة الفلسطينيون طوال الزمن السابق الذي تناقص فيه عدد العرب في منطقة "ج" في الضفة الغربية، وتنامى فيه عدد المستوطنين في هذه المناطق؟
3- هل كان الفلسطينيون يجهلون الهدف النهائي للتوسع الاستيطاني، أم كانوا يعلمون ذلك ويتغافلون بشكل متعمد؟
4- إذا كان الفلسطينيون يدركون هدف المستوطنين العدواني، لماذا لم يتحركوا طوال السنوات الماضية بشكل فاعل وموجع ورادع للتوسع الاستيطاني؟
5- هل من علاقة وثيقة بين التوسع الاستيطاني وبين شعور المستوطنين بالأمن والهدوء السائد على أرض الضفة الغربية جراء التعاون الأمني؟
6- هل من علاقة وثيقة بين السياسة الفلسطينية العامة القائمة على المفاوضات مع الإسرائيليين وبين تنامي عدد المستوطنين واستفرادهم بالأرض؟
7- هل القيادة الفلسطينية الراهنة بأعلى مستوياتها تتحمل المسئولية عما وصل إليه حال الأرض والإنسان في الضفة الغربية، أم أن المسئولية تقع على عاتق الصف الثاني من القيادة الفلسطينية الذي لم يعترض على قرارات القيادة، ولم يناقش آثارها السلبية؟
وأخيراً: إن تحميل المسئولية والمحاسبة هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح لمواجهة التوسع الاستيطاني، ومحاربة مشاريع ضم الضفة الغربية، ودون ذلك، فالشعب الفلسطيني يرعى عشب الأوهام، في الوقت الذي يشرب فيه المستوطنون حليب الأرض.