فلسطين أون لاين

​"وادي الربابة".. حي مقدسي يواجه حربًا صامتة

...
منذ أشهر عدة يحاول الاحتلال السيطرة على أراضي الوادي
القدس المحتلة/ محمد القيق:

في بلدة سلوان شرق القدس المحتلة يوجد حي وادي الربابة الذي تعكس تسميته شكله الجغرافي، يعيش فيه بضع مئات من المقدسيين الذين يشاركون الآلاف قهرهم في بلدتهم الأم، فمنذ أشهر عدة يحاول الاحتلال السيطرة على أراضي الحي ليضمها إلى مشروع تهويدي ضخم مانعاً أصحابها الوصولَ إليها.

"مدينة داود"

ويقول مدير مركز معلومات وادي حلوة، جواد صيام، إن الاحتلال منذ سيطرته الكاملة على القدس يمنع أهالي حي وادي الربابة استخدام أراضيهم ويسمح لهم فقط بقطف أشجار الزيتون التي تملؤها بهدف قطع الصلة بين الفلسطينيين وأراضيهم، كما يمنعهم البناءَ عليها أو حتى تجريفها أو القيام بأي شيء فيها.

ويوضح في حديثه لـ"فلسطين" أن الاحتلال خلال الفترة الأخيرة ضم تلك الأراضي لمشروع "مدينة داود" التهويدي، حيث إن الحي يعد امتدادا لحي وادي حلوة الذي يقع في قلب هذا المشروع؛ وقبل شهرين صدر قرار بمصادرة أراضي وادي الربابة بحجة أنها غير مستخدمة من أصحابها في الوقت الذي يمنعهم فيه الاحتلال من استخدامها.

ويضيف: "يريد الاحتلال تحويلها لبساتين وممرات تسمى الحدائق الوطنية لتوسيع رقعة المنطقة الخضراء التي أعلنوها في سلوان كاملة، لأنها قريبة من المسجد الأقصى من الناحية الجنوبية، وتبلغ مساحة الأراضي التي صادروها ٢٠٠ دونم حاول الأهالي إقامة مشاريع عليها ولكن جاء الرفض من بلدية الاحتلال تحضيرا لمصادرتها".

ووفقا لصيام، فإن الاحتلال يدعي أن أهالي سلوان شيدوا منازلهم "فوق حضارته" خاصة في وادي الربابة وحي الفاروق الذي صادر أراضيه في سبعينيات القرن الماضي وبنى عليها مستوطناته، حيث إن جميع الأراضي الفارغة استُولِيَ عليها، لتصل مساحة ما سُرق من أراضٍ في سلوان وحدها إلى ٧٣ ألف دونم منذ احتلال القدس، وتبقّى الآن لأهالي البلدة ٥٦٠٠ دونم يحاول الاحتلال جاهدا السيطرة عليها.

تاريخ مصطنع

بدوره بين الخبير المقدسي في شؤون الاستيطان جمال عمرو أن امتداد البلدة القديمة في القدس غير منفصل عن بلدة سلوان التي شهدت أول حضارة إنسانية زراعية في العالم، حيث كان الجدار التاريخي القديم قرب عين سلوان، وكان يشمل أجزاء من البلدة خاصة المنطقة القديمة ومن ضمنها العين والبساتين حولها.

ويشير في حديث لـ"فلسطين" إلى أنه بعد ١٥٠٠ سنة اخترق اليهود الجدار وهو سور المدينة قبل حكم العثمانيين لها الذين قاموا بتغيير مساره، وحين احتُل الجزء الشرقي من المدينة عام ١٩٦٧ أرادوا إحياء ذكرياتهم وبدؤوا برسم سيناريو جديد وترجمة أطماعهم للمناطق التاريخية في سلوان ضمن مخطط خطير جدا لوضع موطِئ قدم لهم واختراع تاريخ وآثار، حيث لم يكفِ نهبهم الحي الإسلامي الذي سيطروا عليه في البلدة القديمة.

ويضيف: "نحن أمام معادلة خطيرة هي أن سلوان باتت الحلقة الأضعف وخارج الجدار، والاحتلال يبحث عن سماسرة يساعدونه في البيع واستخدم أموال لشراء ٢٧ عقارا بواسطة شخص من الداخل كان سمسارا ومتعاونا معه، ونحن أمام معطيات صادمة في سلوان، فالاحتلال يحارب من متر لمتر في حرب صامتة كالسرطان، واستطاع أن يحقق إنجازات نوعية وليست كمية عبرها".

ويوضح أن هناك مناطق حساسة سقطت بيد الاحتلال، وأن التركيز على سلوان هو تركيز على التاريخ اليهودي المصطنع، فعلى سبيل المثال حين بدأ يحفر قرب المسجد الأقصى وجد القصور الأموية والعباسية، وكان يعترف أنها إسلامية ثم غيّر روايته وقال إنها "مطاهر للهيكل" المزعوم ووضع جرات فخارية ولوحات معدنية تشير للسياح أنها "مطاهر للهيكل".