فلسطين أون لاين

ملاحمُ القسَّام في جباليا.. إستراتيجيةُ استنزاف ترسّخ أنَّ غزَّة "مقبرة الغُزاة"

...
غزة / علي البطة

يقدّم أبطال كتائب القسام والمقاومة بطولات يومية في التصدي لقوات الاحتلال "الإسرائيلي" في اجتياحها الثالث لشمال قطاع غزة، مرسخين ما سبق أن أعلنه المتحدث العسكري أبو عبيدة بأن غزة ستبقى مقبرة للغزاة.

ورغم الأحزمة النارية والتدمير الواسع وخلال 47 يومًا نجح أبطال القسام الذين خرجوا من بين الركام في مخيم جباليا وبيت لاهيا، في قتل 30 جنديًا وضابطًا "إسرائيليًا" وفق الاعتراف "الإسرائيلي" ليبقى ما خفي أعظم وأشد، حسب ما يدلل عليه توثيق الإعلام العسكري لعمليات الالتحام في أرض المعركة. 

استراتيجية المقاومة

العميد ناجي ملاعب الخبير والباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية من لبنان، يؤكد أن استنزاف جيش العدو في قطاع غزة ليس صدفة، بل هو من ضمن استراتيجية المقاومة. 

وأوضح ملاعب، في حديثه لـ "فلسطين أون لاين" أن المقاومة التي أعدت 7 أكتوبر 2023، لم تعده من لا شيء، إنما جاء نتيجة بحث وحصول على معلومات واستخبارات قوي جدا من الداخل المحتل، وبالتالي من قام بهذا العمل الجديد لديه معطيات كيف سيتابع المقاومة.

وأشار إلى أن الألوية الثلاثة لجيش الاحتلال التي دخلت شمال غزة واضطرت إلى سحب لواء ليس لأنه نفذ مهمته، بل لخسارته بعض قادته.

وبدأت قوات الاحتلال اجتياحها الثالث لشمال غزة في 5 أكتوبر الماضي، وسط أحزمة نارية مكثفة وإصدار أوامر تهجير ومحاولات لتنفيذ خطة الجنرالات الرامية لتفريغ الشمال من سكانه الذين يواصلون عشرات الآلاف منهم الصمود رافضين مخططات التهجير.

وجوبهت قوات الاحتلال بمقاومة شرسة تنوّعت بين تفجير عبوات وكمائن وعمليات قنص وتفخيخ منازل وكمائن من النقطة صفر، ما يؤكد فشل الاحتلال الشنيع في القضاء على المقاومة بعد نحو 14 شهرًا من الإبادة التي تكاد تكون غير مسبوقة في التاريخ.

ويؤكد الخبير اللبناني أنه عندما تخسر السرية (الإسرائيلية) ثلاثة ضباط فإنها تخرج عن الخدمة ويوجب ذلك هيكلتها، وعندما تخسر الكتيبة ٤ آليات، فإنها يجب أن تخرج ويعاد هيكلتها أو تدمج مع كتيبة أخرى.

وقال: حتى إذا كان هناك نقص في كتيبتين ينتهي لواء الجيش ويجمع مع لواء آخر.

عوامل حيوية المقاومة

ويشدد ملاعب على أن حيوية المقاومة شمال غزة تنبع من عوامل عدة من بينها، صمود الأهالي في الشمال وهو مهم جدًا، والصمود في الأنفاق ثاني العوامل المهمة في الصمود والقتال، وأهمية الأنفاق للمقاومة أنها ليست للعرض وليست لوسائل الاعلام.

وقال ملاعب: لا بد من التذكير بعامل آخر، وهو قدرة المقاومة في غزة على صناعة معظم أسلحتها وذخائرها بمستوى متقدم جدا وذلك واضح من طائرات الزواري وقذائف الياسين وغيرها من الإنجازات التي تسجل للمقاومة.

ونجحت كتائب القسام في تدمير واستهداف عشرات الآليات في شمال غزة، واضطر الاحتلال في عدة مرات لترك آلياته المدمرة والهرب لتبقى شاهدة على بطولات مستمرة رغم الخذلان.

استمرارية وصمود

ويتفق الدكتور نضال أبو زيد الخبير العسكري والاستراتيجي من الأردن مع الخبير ملاعب، مؤكدًا أن عمليات المقاومة ضد جيش الاحتلال "الإسرائيلي" في مخيم جباليا، تظهر قدرتها على الحفاظ على استمراريتها وصمودها من خلال أسلوب القتال الذي تخوضه.

ويرى أبو زيد في حديثه لـ "فلسطين أون لاين" أن المقاومة تعتمد نظام العقد القتالية، القائم على عمل كل عقدة قتالية باستقلال من حيث القيادة والتنفيذ، ضمن معادلة تجمع بين التخطيط المركزي والتنفيذ اللامركزي، ما جعلها قادرة على إعادة إنتاج نفسها في محاور القتال الرئيسة.

أهداف الفرصة

وأشار إلى أن المقاومة تعتمد في استراتيجيتها على عمليات استنزاف منضبطة من خلال التركيز على "أهداف الفرصة"، وهي تسبق الاحتلال بخطوة وتحقق عنصر المفاجأة.

وذكر أن الخسائر في صفوف جيش الاحتلال يوقعه تحت ضغط الخسائر، وهذا ما يمنح المقاوم ميزة كبيرة أمام قوات الاحتلال.

ووفق أحدث إحصائية نشرها جيش الاحتلال لإحصائية قتلاه في معارك غزة ولبنان منذ بداية الحرب، بلغ 793 قتيلا منهم 40 في لبنان والبقية في غزة، منهم 192 ضابطا، وأن واحد من كل 4 جنود قتلى هو ضابط. وبين القتلى 67 قائد فصيل و63 قائد سرية و20 نائب قائد سرية و7 نائب قائد كتيبة و5 قادة كتائب و4 قادة ألوية و48% من القتلى جنود في الخدمة الالزامية و18% في الخدمة النظامية و34% من الاحتياط.

غزة تباد وأهلها يعانون، نعم، ولكنهم ومقاومتها لا يرفعون الرايات البيضاء، ويقاومون بلحمهم الحي، وعهدهم غزة ستبقى مقبرة للغزة، وليس أمام الاحتلال إلا الرحيل والزوال.