فلسطين أون لاين

​سفيرة المنظمة وأول معلّمة لها في فلسطين

دنديس: الضحك دون سبب هو "يوغا الضحك"

...
منال دنديس
غزة - مريم الشوبكي

قالوا قديمًا: إن "الضحك بدون سبب قلة أدب" ولكن اليوم أصبح "يوغا الضحك"، والتي تعتمد على افتعاله بصوت عالٍ، وربما من يسمعك يخالك تافهًا أصابك الجنون للوهلة الأولى، فهو يرى من منظوره الخاص بأن هناك سببًا يستدعي الضحك لأنه لم يشعر بالراحة النفسية والسيكولوجية.

بمعايير المجتمع الفلسطيني فإن الضحك يضيع الهيبة، فهو شعب جديّ بامتياز، الاحتلال وممارساته الوحشية وحروبه الدامية جعلته ينسى الضحك منغمسًا في مشاكله النفسية الناجمة عنها، "يوغا الضحك" كانت الحل الذي أتت به د. منال دنديس لتغيير واقع مجتمعها.

سفيرة المنظمة

د. دنديس أول معلمة يوغا ضحك في فلسطين، وسفيرة منظمة يوغا الضحك الدولية لمنطقة الشرق الأوسط، وفي إطار عملها مدربة موارد بشرية تعطي تمارين لتخفيف التوتر والضغط عن موظفين وعاملين في وزارات وشركات خاصة، وحاجتها هي أيضًا لتفريغ التوتر والضغط الذي تتعرض له في حياتها، اتجهت نحو الالتحاق بجامعة يوغا الضحك في الهند.

بدأت بتطبيق يوغا الضحك على مدينتها الأم الخليل والمعروف عن أهلها الجدّية، تقول دنديس لـ"فلسطين": "بحكم درجتي العلمية في دكتوراة التنمية البشرية، وعملي أستاذة جامعية في مدينتي، بدأت بتطبيق يوغا الضحك وتمارينها على طلابي وعلى نفسي قبل كل شيء لأتخلص من التوتر والضغط الذي أصاب به نتيجة أعمالي اليومية".

تمارين اليوغا عادة تحتاج إلى رشاقة وليونة لكي تمارس، فما هو معيار ممارسة يوغا الضحك، تجيب: "لا تحتاج لياقة بدنية معينة أو وزنًا معينًا، ويمكن لأي شخص أن يمارسها".

ومن لا يعرف يوغا الضحك فهي ظهرت أول مرة في بومباي في الهند على يد الطبيب الهندي د. مادان كتاريا في عام 1995، حيث كان يعدّ ورقة علمية عن فوائد الضحك، وتأثيره على الصحة وتسريع العلاج، ومن هنا نشأت الفكرة التي أصبحت اليوم يمارسها الملايين في أكثر من 100 دولة، حيث تندرج اليابان والولايات المتحدة الأمريكية.

الضحك المفتعل

وتؤكد د. دندنيس أن الضحك يزيد من فاعلية تمارين اليوغا، لأنه علميًا يدخل الأكسجين إلى الدماغ وبالتالي تزيد عملية الحرق في جسم الإنسان.

والضحك دون سبب بالنسبة لأول معلمة يوغا في فلسطين ليس قلة أدب، بل "يوغا ضحك"، توضح أنها عبارة عن التمارين في إطار مجموعة حقيقية، حيث إن العقل لا يميز بين الضحك الحقيقي والمفتعل ويعطي نفس التأثيرات الفسيولوجية والسيكولوجية.

حينما تضحك بالعادة لا تستمر مدة ضحكك الثلاث إلى أربع ثوانٍ، وحينما تضحك على نكتة وتعيدها لا تضحك عليها بالوتيرة نفسها، لأن العقل حينها يطلب سببًا للضحك، ولكن في تمارين يوغا الضحك يفتعل الضحك بصوت عالٍ لأنه يفرز هرمون السعادة.

وتؤكد د. دنديس أن الطفل في مهده يضحك 17 مرة يوميًّا، وكلما كبر الإنسان يقل الضحك وكلما كبر أصبح يريد سببًا لكي يضحك، وهنا فإن يوغا الضحك تعوّض الإنسان عن كل ذلك.

وتشير إلى أنها تمارس الضحك بالمستشفيات لمساعدة مرضى السرطان والأمراض المزمنة، ورجال البوليس، وفي السجون للسجناء الذين يخضعون لإعادة تأهيل، وأيضا للشركات التي يتعامل موظفوها مع كل أنماط الشخصية، وتطبقها كبرى الشركات العالمية.

وتقول د. دنديس: "كشعب فلسطيني بعد كل نشرة أخبار نحتاج ليوغا الضحك، وبعد كل يوم عادي أيضًا، فالشعب الفلسطيني يتعرض لضغوط نفسية هائلة بفعل الاحتلال وممارساته".

وعن تأثيرات يوغا الضحك على جسم الإنسان، تبين أنها تقوي الجهاز المناعي، وتسرع من عملية الشفاء من الأمراض.

علاج بالضحك

وتشير د. دنديس إلى أنه يوجد العلاج بالضحك لأنه يقلل من فرص إصابة الأشخاص بالأمراض، منبهة إلى أنها تجعل الشخص الذي يمارس اليوغا مقبولًا اجتماعيًا، لأن الناس تحب الإنسان البشوش، والتحدي الحقيقي أيضًا أنه يكون لديه مشكلة وقادر على حلها.

لعلك عزيزي القارئ لم تستسغ فكرة أن تمارس يوغا الضحك لكي لا ينعتك الناس بالأبله أو أنك قد قاربت على الجنون، تبيّن د. دنديس أنها لا تمارس إلا في أماكن مغلقة وبمجموعات لأن من شروطها ممارسة الضحك بصوت عالٍ وعميق.

وعما إذا واجهت د. دنديس انتقادات في بداية تطبيق يوغا الضحك لأول مرة في فلسطين، تقول: "مارستها على طلابي في جامعة بوليتكنك الخليل، وأيضًا وجدت ترحيبًا كبيرًا من بلدية مدينتي، وعقدت أول مهرجان للضحك".

وتستدرك قائلة: "لا شك أنني في البداية واجهت انتقادات من الناس لأنهم لا يتخيلون أن يضحكوا بدون سبب وهذا بالفعل ليس بالأمر السهل، ولكن عند ممارستهم ليوغا الضحك سيدركون كم هو سهل وممتع، بها يظهرون روح الطفولة لديهم ويكونون تلقائيين".

وتشير د. دنديس إلى أنها ستستهدف طلبة الثانوية العامة (توجيهي)، لأنهم يواجهون ضغطًا نفسيًّا كبيرًا، وضغوطًا على الذهن أيضًا، فتمارين يوغا الضحك تدخل الأكسجين إلى الدماغ وبالتالي تزيد القدرة على الفهم العميق، وتخفف من التوتر الذي يبدأ من أول العام حتى نهايته.

وتنبه إلى أن يوغا الضحك أثبتت نتائج إيجابية لتعافي الناس بعد الحروب، وكذلك تعافيهم من الاكتئاب لأنها ترفع هرمون السعادة والمورفين لدى ممارسيها وهو العقار الذي يتناوله المصابون بالاكتئاب، وهناك من تعافوا من الإدمان عليه بفعل يوغا الضحك.

وتمارين اليوغا تبدأ بمرحلة الاسترخاء الضاحك، ومراحل الاقتناع بالمشاكل التي تمر بها من خلال تخيلها بصورة ومن ثم مسحها، مع ممارسة الضحك عاليًّا.

ومدة هذه التمارين، توضح د. دنديس أنها تختلف حسب الفئة العمرية، فحينما يمارسها الأطفال تمارس على شكل ألعاب، أما كبار السن فتمارينها لها علاقة بالتنفس والاسترخاء والتأمل الضاحك.

لقب معلم

ولدى سؤالها عن حصولها على لقب معلم يوغا ضحك، تجيب: "لقب معلم يوغا ضحك لقب ودرجة علمية عالية في الهند، فهناك جامعة خاصة بيوغا الضحك في الهند أسسها معلمها الأول د. كتاريا، ودرست فيها وشاركت معه بأبحاث علمية وذهبت إلى مقر عمله وبيته، فهو هدفه تعليمنا من خلال المعايشة ونظامه يشبه كثيرًا طريقة التعليم في فلسطين قديمًا أي الكُتاب".

وتشير د. دنديس إلى أنها في فلسطين تدرب أشخاصًا ليكونوا مدربين معتمدين في يوغا الضحك باعتماد من مؤسسها في الهند.

ولفتت إلى أن نوادي الضحك تقام عالميًّا مجانيًّا عبر سكايب، ويمكن لأي شخص أن يمارسها من بيته مع أشخاص يمارسونها عبر العالم، أو بالتواصل معها عبر حساب"Palestine Yoga" في فيس بوك.

غزة لها نصيب

ود. دنديس أصدرت أول كتاب في العالم عن يوغا الضحك باللغة العربية يحمل عنوان "يوغا الضحك صحة وسعادة"، والكتاب الثاني "يوغا الضحك" دليل الممارسات اليومية لتحقيق السعادة النفسية والجسدية، وكليهما من تأليفها وتأليف مبتكر العلم د. كتاريا.

وتطمح د. دنديس إلى أن تصل يوغا الضحك لكل إنسان وليلمس تأثيراتها العظيمة على النواحي النفسية والجسدية، ليستطيع مواجهة الصعاب والـأزمات النفسية والجسدية.

والمفاجأة التي قدمتها أول معلمة يوغا في فلسطين أنها ستقدم شيئًا خاصًا بغزة وإعطاء دورات عن يوغا الضحك فيها عما قريب.