يقول الله : "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ"، هذه الآية هي آخر آية في سورة الملك، ولها تعلق مباشر بالملك؛ لأن الاستخلاف في الأرض يحتاج إلى علاقة مباشرة واتصال برب السماء، فإذا حصل انقطاع في العلاقة؛ كان الحرمان والخذلان.
ووجه العلاقة بين الآية وما ذكرت، هو أن الآية تبرز أن كل خير في الأرض لا يمكن تحصيله إلا بسبب من السماء، وكذلك الماء الذي يحفظه الله في الأرض، ولو أراد الله أن يجعل الماء يغور في الأرض، فمن في الكون يملك أن يأتي لنا بالماء؟
هذا الماء الذي نروي به أجسادنا، وهو سر حياتها، والوحي هو ماء الروح وهو سر حياتها، وهو محفوظ بين أيدينا من خلال القرآن، وهو حبل السماء وسببه، ولكن إن قدر الله لنا ألا ننتفع به، وأصبح غورًا في حقنا، بحيث لا نستطيع أن نفهم مراد الله منه، ولا نستطيع أن نتصل بالسماء من خلاله، لحرماننا من تأويله وفق مراد الله؛ عندها نكون قد فقدنا ماء الروح، وفقدنا السبب لعزتنا ولكياننا ولوجودنا كمسلمين أصحاب رسالة.
ونكون بذلك قد فقدنا سبب التمكين الرئيس؛ لأن من يريد الملك والتمكين فلا يمكن أن يناله إلا من الذي بيده الملك، وهو على كل شيء قدير؛ لذا احترام القرآن وعدم جعله مطية لمصالح الدنيا هو من الأسباب العظيمة التي تحفظ بركة القرآن في حياتنا.