فلسطين أون لاين

​متى يجوز منع الخير عن الناس؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ هدى الدلو:

يعدّ منع الخير عن الناس، والوقوف في طريقه من صفات الكفار الذميمة التي وصفهم الله تعالى بها في كتابه العزيز، قال تعالى: "وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ* هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ* مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ* عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ".

ولكن ماذا إن لازمت تلك الصفة المسلم؟ فهل هي صفات للكفار فقط؟، وما حكم مانع الخير عن الناس؟، وما هو جزاؤه في الدنيا والآخرة؟ وهل توعد الله مانع الخير في كتابه العزيز؟ وهل هناك حالات يمكن فيها منع الخير على الناس؟ ومتى؟ هذا ما نتحدث عنه في السياق الآتي:

الداعية الدكتور عبد الباري خلة، قال: "بعد أن امتدح الله تعالى نبيه عليه السلام بقوله: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ"، أمره أن يبتعد عن بعض أنواع من البشر وذكر تسعة أنواع من أنواع البشر، حيث قال تعالى: "وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ ...."، وكان سبب نزول هذه الآيات ادعاء الوليد بن المغيرة أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يدعي النبوة وهو من ألّف القرآن، ووصف القرآن أنه كذب فنزلت هذه الآيات".

وأوضح أن معنى: (مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) الشخص الذي لا يفعل الخير، كما أنه يحاول أن يمنع الآخرين أيضًا عن فعله، ويعتدي على أموال غيره بغير الحق، ويعتدى على حقوق غيره.

وأضاف د. خلة أن هذه الصفات من صفات الكفار والمنافقين، ويتصف بها بعض المسلمين العصاة فيمنع الخير عن الناس، وهذا لا يجوز؛ لأن فعل الخير واجب، وفق قول الله تعالى في وصف عبادهِ المُؤمنين المتّقين: "أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُون".

وذكر أنه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا"، وعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى".

وأشار د. خلة إلى أنه من صفات المنافقين أنهم يُرَاؤُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ، أَيْ لَا أَحْسَنُوا عِبَادَة رَبّهمْ، وَلَا أَحْسَنُوا إِلَى خَلْقه حَتَّى، وَلَا بِإِعَارَةِ مَا يُنْتَفَع بِهِ وَيُسْتَعَان بِهِ مَعَ بَقَاء عَيْنه وَرُجُوعه إِلَيْهِمْ، وإن منع الماعون من الصفات والأعمال التي ذم الله أصحابها وتوعدهم بالويل، فقال تعالى: "فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ".

وبين أنه قد اختلف الفقهاء في حكم الإعارة بعد إجماعهم على جوازها، فذهب الجمهور إلى أن حكمها في الأصل الندب لقوله تعالى: "وَافْعَلُوا الْخَيْر"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل معروف صدقة"، وقيل هي واجبة، لقول الله تعالى: "فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ".

وتابع د. خلة حديثه: "ولا يجوز منع الخير عن الناس إلا إذا كان هذا الخير لفاسق يتقوى به على فسقه، أو أن شخصًا يستعير الأشياء ويجحدها، أو يأخذها فيتلفها، ففي هذه الصور يجوز منع الخير عن هؤلاء".

وختم بقوله: "ليحرص المؤمن أن يكون مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر كما في الحديث عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ وَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ".