فلسطين أون لاين

​الطويل استبسل ضد جنود الاحتلال حتى الرمق الأخير

...
صورة أرشيفية
غزة/ نسمة حمتو:

رغم المغريات التي حاول والده أن يقدمها له للتوقف عن المشاركة في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، كان في كل مرة يرفض رفضًا قاطعًا، فأمنيته بالشهادة تسير في شرايينه كأنها الدم، وعلى الرغم من محاولة والدته نهيه عن المشاركة في مسيرات العودة، كان يذهب باستمرار إليها، ويقول: أمنيتي الشهادة وأتمنى أن أحصل عليها، وجاء اليوم الذي يحقق فيه هذا العشريني حلمه الذي لطالما حلم به.

أمنية الشهادة

والد الشهيد أحمد الطويل، قال عن أمنيات ابنه في الشهادة: "في الجمعة الأولى لمسيرات العودة أصيب أحمد في قدمه ولم يستطِع المشي حينها"، مستدركًا بقوله: "لكنه لم يتوقف عن المشاركة في المسيرات رغم كل الآلام التي كان يشعر بها، وبعد أسبوع عاد مرة أخرى للمسيرات يشارك فيها، فهو لم يتوقف ولو جمعة واحدة عن المشاركة، كانت روحه ثائرة، وشجاعًا لا يتأخر عن خدمة أحد".

وأضاف وهو يتذكر آخر ساعات جمعته مع ابنه الشهيد: "صلى ابني صلاة الجمعة، وتناول طعام الغداء، وطلب مني أن يذهب لمسيرات العودة، وكالعادة طلبت منه أن يحافظ على نفسه من رصاص الاحتلال، ولكنه قال لي: أنا أريد أن أستشهد ادعُ لي".

عرس في الجنة

وتابع قوله: "بعد أن غادر المنزل ذهب لبيت شقيقته في البريج، فسلم عليها وودعها، وقال لها: أريد أن أستشهد، كان يقول لي دائمًا: أنا أريد الآخرة يا أبي لا أريد هذه الدنيا، رغم صغر سنه وعقله المفكر، لم أكن أستطيع فعل شيء له، ولا حتى أن أمنعه من الذهاب لمسيرات العودة".

ومضى بالقول وهو يتذكر وجه ابنه: "أنهى تعليمه الجامعي، ولم يجد عملًا، كان هادئًا جدًا، لا يحب المشكلات، وكل أصدقائه يحبونه، كان مطيعًا جدًّا، طيب القلب، وكل من يعرفه حزن جدًا على فراقه، وما قام به ابني كان مشرفًا لكل الأمة".

وقال: "كان لا يتأخر أبدًا عن صلاته، وكان لدي إحساس قوي في هذا اليوم بأنه سيستشهد، وبالفعل كان آخر يوم أراه فيه، عندما رأيته يحب مسيرات العودة سألته: ما رأيك أن أخطب لك وأزوجك، فرفض وبشدة، وقال: أريد أن أتزوج في الجنة".

حلم أخير

وأضاف وهو يبكي فراق شقيق روحه: "كان الأقرب لي من إخوته رحمه الله، سامحته من كل قلبي، رغم أن ترتيبه الثالث من بين الأبناء فقد كانت محبته خاصة في قلبي لأنه مطيع جدًا، لا يحب أن يغضبني، كان يسمع كلامي في كل شيء إلا في منعه من مسيرات العودة، كان يقول لوالدته: لا تمنعيني من الذهاب إلى المسيرات أنا أريد الآخرة، وها هو اليوم يذهب إلى المكان الذي لطالما حلم به".

وأكمل حديثه: "عندما أخبرني أصدقائي وأقاربي عن بطولاته في التصدي للاحتلال الإسرائيلي واقتحامه السلك الزائل، وكيف حاول خطف أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي، جعل النار تشتعل في صدري على فراقه، صحيح أنني كنت أرفض أن يذهب للمسيرات خشية عليه، ولكنني لم أستطِع أن أمنعه من أن يحقق حلمه الوحيد بالشهادة".

وتابع: "ابني كان ذكيًّا جدًا، ونشيطًا، ومعروفًا بين الجميع حتى أنه كان مُدربًا على حمل السلاح، الحمد لله على كل حال".