فلسطين أون لاين

​لماذا تُواصل (إسرائيل) إخفاء وثائق النكبة الفلسطينية؟

...
غزة/ نور الدين صالح:

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مساعيها لإخفاء المعلومات والوثائق الخاصة بالجرائم الدموية التي ارتكبتها المنظمات الصهيونية بحق الفلسطينيين وتهجيرهم من أراضيهم المُحتلة خلال النكبة الفلسطينية عام 1948م.

وفي هذه الأيام يوقّع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على أمرٍ بتمديد حظر الكشف عن وثائق سرية تتعلق بنكبة الشعب الفلسطيني في عام 1948 وما سبقه وما بعده لمدة 20 عاما أخرى، أي حتى مرور 90 عاما على النكبة.

وكان من المفترض الكشف عن تلك الوثائق السرية في عام 1998، ففي ذلك العام وبعده، كُشف عن جزء منها، إلا أن وثائق أشد سرية ما تزال في عهدة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وهي التي طلبت من رئيس حكومتها تمديد حظر النشر، إلى فترة أطول مما جرى حتى الآن.

تهديد القيادة

يقول الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي: إن النكبة الفلسطينية عام 1948، لم تكن مقتصرة على تهجير الشعب الفلسطيني فحسب، بل اشتملت على احتلال بلداته، وجرائم "بشعة" أخفاها الاحتلال.

ويوضح مجلي لـ "فلسطين"، أن الاحتلال يتستّر على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، لأن نشرها تهديد للقيادة الإسرائيلية وحكومتها، مستدلاً بمجزرة دير ياسين التي تضمنت جرائم فظيعة، وتهجير كل الناس من البلدة باتفاق جميع الفرقاء الإسرائيليين.

ووقعت في بلدات وقرى فلسطينية مجازر دموية قاد تنفيذها مسؤولو الاحتلال، "لكنها غير معروفة بدقة"، لافتاً إلى أن النكبة تضمّنت نهب أموال وممتلكات، وجيش الاحتلال كان يتصرف بطريقة عصابات "وهذا يشوّه سمعتهم لو نشرت"، وفق تقديره.

وينبّه إلى أن (إسرائيل) تتعمد إخفاء وثائق تُثبت تورط قيادات عربية في تهجير الشعب الفلسطيني، لذلك تُسجل هذه الأمور في أسرار أمنية حتى اليوم، مرجحاً أن يدفع الكشف عنها لتغيير الوعي الدولي وتكذيب (إسرائيل) وإظهار حقيقتها للعالم الغربي.

ويضيف مجلي أن (إسرائيل) تعتقد أنه رغم مرور 70 عاماً فإنه لا زال نشرها تهديداً لها، ولأمنها ولعلاقاتها العربية، مشيراً إلى أن التأجيل 20 عاماً لا يعني الكشف عن تلك الوثائق.

ولم يستبعد مجلي أن يكون تأجيل نشر الوثائق خوفاً من استثمار الفلسطينيين لهذه القضية، وإدانة الاحتلال عليها أمام المحاكم الدولية، مبيناً أن تقديم الشكوى ليس أمراً سهلاً بعد مرور 70 عاماً على النكبة.

ويتفق مع ذلك أستاذ التاريخ في الجامعة الإسلامية د. غسان وشاح، وأن (إسرائيل) تخشى من المحاكمة الدولية والرأي العام العالمي، سيّما أنها ستكشف عن مجازر ومذابح بحق الإنسان الفلسطيني.

ويرى وشاح خلال حديثه مع "فلسطين" أن تأجيل الاحتلال الكشف عن الوثائق لسنوات لاحقة، يثبت وجود وثائق لبعض الشخصيات ورؤساء دول عربية، كان لهم دور في مساندة (إسرائيل).

ويقول: إن هناك وثائق ستزعزع مكانة (إسرائيل) أمام الشارع الإسرائيلي والمجتمع الدولي وستظهرها بمظهر الدولة الموهومة التي أقيمت على الخرافات وحق الغير.

المؤرّخون الجدد

أخيرا، ظهرت ما تُسمى ظاهرة "المؤرخين الجدد" في (إسرائيل) والكلام لوشاح، حيث يؤمن هؤلاء المؤرخون بأن الصهاينة اغتصبوا الأرض الفلسطينية وليست لهم ذرة تراب في فلسطين، ولا أي قطعة أثرية في مدينة القدس.

ويوضح وشاح أن هؤلاء المؤرخين يتقدمون للقضاء الإسرائيلي للحصول على وثائق حول الأحداث التاريخية، ومنها جرائم الاحتلال، "لذلك تخشى (إسرائيل) توسع هذه الظاهرة، مما يدفعها لتأجيل الكشف أملاً بانتهائها"، وفق قوله.

في سياق ذي صلة يقول وشاح: إن الاحتلال يعتقد أن الخارطة السياسية ستتغير والجيل الفلسطيني الجديد المفعم بالثورة ربما يتغير، تطبيقاً لما جاء على لسان زعاماتهم "الكبار يموتون والصغار ينسون".