فلسطين أون لاين

​بالصور.. الطفل محمود أصغر شيف في غزة ما حكايته؟

...
الشيف الصغير محمود أبو ندى (تصوير محمود أبو حصيرة )
غزة - آية الوادية

مسك بسكينه وأدوات الطهي بحرفية وإتقان، لكنها لا تلغي طفولته البريئة وثغره الباسم، ويصنع الطبق ببراعة وحب، وتتراقص على رأسه القبعة، بلباسه الأبيض الذي تفوح منه رائحة التوابل التي يبرع في وضعها على أطباقه.

الطفل محمود أبو ندى لا يتجاوز عمره (12 عاماً) لكنه بارع في الطهي لدرجة أنه أصبح يعمل في أحد أشهر المطاعم في غزة، ويطمح ليكون "شيفاً" مشهوراً، فما حكايته؟

"كنت أعد السندويشات في البيت، وكنت بارعًا جدًا في إعداد الفطور يوميًّا"، بتلك الكلمات بدأ محمود حديثه لـ"فلسطين"، مضيفًا: "كان إخوتي يطلبون مني إعداد الإندومي، وكنت أطهو الشكشوكة والوجبات البيتية الخفيفة".

ومع ابتسامة طفولية يقول: "الحمد لله، بسم الله، ما شاء الله، من لما بديت بالطبخ ما انحرقت من الغاز إلا مرة وحدة وأنا عمري 9 سنوات"، موضحًا أنه لم يكن هناك أحد في العائلة يصدق أنه يعرف الطهو ويتقن الطبخ، حتى أن والده كان على وشك وضع قفل على باب المطبخ من شدة خوفه عليه من الغاز، ومع ذلك كلما أعد وجبة طعام كان يعجب الجميع بما يقدمه.

بعد لحظات من حديثه تطرق محمود للحديث عن مؤسسة بسمة أمل لمرضى السرطان، بقوله: "كنت أعدّ الوجبات للأطفال الموجودين والمصابين بمرض السرطان، وكنت سعيدًا جدًا بإعداد وجبات صحية قليلة التوابل".

وتعرف على مؤسسة فرسان العرب ونظموا فعالية في مطعم أوريجانوا لتوزيع ملابس العيد، فارتدى هو ملابس الشيف، وهو ما كان الانطلاقة الفعلية لمحمود بدخول عالم الطهي من أوسع أبوابه.

السؤال التالي لمراسلة صحيفة "فلسطين": "ماذا عن المدرسة يا محمود؟" يجيب: "أنا ما بروح على المدرسة لأنه الشنطة متعبة والطريق طويل عليّ"، ليسود الصمت ومعه كثير من الأسئلة التي تدور في الأذهان بانتظار توضيح لما يقول.

مع ابتسامته الساحرة التي تظهر على محيّاه يتابع: "أنا مريض بسرطان الدم وبالتلاسيميا، وشقيقتاي مصابتان مثلي". عاد الصمت سيد الموقف مجددًا، ولم يكسره سوى كلمات محمود: "الحمد لله الحمد لله".

ويضيف: "لن يكون المرض عائقًا لي وسأكمل حلمي الذي بدأت به"، متابعًا: "معي ثلاث ميداليات بالكاراتيه منها واحدة ذهبية واثنتان فضيتان، وشاركت بمسابقة للرسم في مقر المسحال وكنت سأشارك برسمة عن السلام".

والد محمود أخذ ثلاثة قروض لعلاج أولاده وتسهيل مهمة سفرهم، لكن تكلفة العلاج العالية لثلاثتهم وعوائق السفر وعقباته كانت حائلاً دون أن يأخذوا العلاج اللازم لهم.

وعلى الرغم من مرض محمود وضرورة السفر لتلقي العلاج وزرع النخاع له ولأخواته، فإنه لم يكترث للمرض بقدر ما هو مهتم بحلمه الذي يسعى لتحقيقه.

ويؤكد أنه سيكمل مشواره في عالم الطبخ، لأنه موهبته الأولى، فهو يسعى للمشاركة في مسابقات خارجية، ويصل اسمه للجميع وينال شهرة واسعة.

ويتمنى افتتاح مطعم يديره هو ويطلق عليه اسم "الشيف الصغير"، راجيًا أن يجد من يدعم موهبته ويقدم له التمويل الكافي للوصول إلى حلمه.

ومن الملفت أن محمود لديه القدرة على ابتكار أطباق ووصفات جديدة، فهو اكتشف طبقًا جديدًا أطلق عليه اسم "شاورما البيض"، وصنع بهارًا للدجاج سيطلق عليه اسم "بهار محمود" ويتمنى أن يسوق ذلك البهار ويبيعه للمهتمين، لكن مهما حاول أي شخص استدراج محمود ليدلي بسر وصفة من وصفاته، فإنه لا يستجيب له ويقول: "هذا سر المهنة".