فلسطين أون لاين

أطفال غزة يطرقون جدار الحصار في "زيكيم"

...
غزة - إسماعيل نوفل

تشارك الطفلة مرح أبو طيور في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار برفقة والدتها التي تشجعها على الذهاب في كل فرصة تسمح بذلك، تقول مرح: "بشارك عشان أكمل الطريق بدال أخوي أحمد اللي استشهد".

حق مسلوب

استشهد شقيقها أحمد أبو طيور (16 عاماً) يوم السبت الموافق 8 سبتمبر، متـأثراً بجراحه التي أصيب بها خلال مشاركته في جمعة "عائدون رغم أنفك يا ترامب" شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

أبو طيور (7 أعوام) المشاركة بمسير زيكيم البحري أول من أمس، تجيب بصوت ملؤه الغضب: "بدي أرجع حق أخوي"، حقه بالعيش في وطنه بسلام دون محتل يهدد حياته.

تعبر أبو طيور التي هجّر أجدادها من بلدة وادي حنون قضاء الرملة، عن حبّها الشديد لوطنها الذي ذهب أخوها فداءً له فتقول: "نفسي أشوف بلدي وأرجع لها".

راجع لبلدي

رفع يده وأشار بإصبع السبابة باتجاه الشمال، وهو يقول: "هربيا بلدي، هيا قريبة بدها خطوتين".. كلماتٌ أجاب بها الطفل نزار كلوب عن سؤال: "شو اسم بلدتك".

يقول كلوب (13عامًا) المشارك بالمسير البحري شمال قطاع غزة بالقرب من شاطئ زيكيم: "بحب بلدي كثير ومستعد أضحي بروحي عشانها".

ينطلق كلوب من بيته الكائن في منطقة عزبة عبد ربه شمال قطاع غزة مع أذان صلاة العصر إلى شاطئ زيكيم، وأبو صفية، ومعبر بيت حانون، على مدار أيام مسيرات العودة السلمية الرئيسة الثلاثة.

سؤال يراود نفوس الكثيرين خاصة بعد اعتداءات الاحتلال المباشرة بحق المشاركين في مسيرات العودة: ألا يخاف المشاركون، يجيب كلوب: "خايف إني أموت، لكن بدي أرجع بلدي"، مضيفاً: "العرب نايمين، عشان هيك لازم إحنا نقف في وجه اليهود".

اغتيال الطفولة

قبل أسبوعين اغتال قناص الاحتلال الطفل ناصر مصبح ابن بلدة عبسان أثناء مشاركته في مسيرات العودة السلمية على حدود القطاع شرق خانيونس.

تقول والدة الشهيد مصبح والدموع تطغي على صوتها: "كان شديد الحرص على المشاركة في مسيرات العودة منذ انطلاقها"، مطالبا بأرض الآباء والأجداد التي سلبها الاحتلال.

وتتابع في حلمه الذي لن يستطيع تحقيقه بعد الآن: "كان ناصر يتمنى أن يكون طبيباً، وكان ضمن فريق الصحة المدرسية بمدرسته، وشارك في دورات الإسعاف مع شقيقاته".

وجد مصبح في مسيرات العودة طريقًا لممارسة حلمه مبكراً، تقول شقيقته الكبرى دعاء: "لم تغادر الابتسامة وجهه وهو يحمل قنينة محلول ملحي لمساعدة من يتنفس الغاز في مسيرات العودة".

غزة تستحق الحياة

لكل إنسان طريقة يوصلُ بها رسالته على حدود قطاع غزة، محمد أبو مطر وأصدقاؤه اختاروا رياضة الجمباز على شاطئ البحر بجانب المسير البحري، ليقولوا للعالم إن غزة تستحق الحياة كغيرها من البلدان.

يشارك الطفل محمد أبو مطر في مسير "زيكيم" البحري دائمًا، مطالباً العالم بفك الحصار الذي فرضه الاحتلال على قطاع غزة منذ ما يقارب 12 عاماً.

ويقول أبو مطر متغزلاً ببلدته الأصلية "يبنا" التي احتلتها القوات العسكرية اليهودية في عام 1948: "بحبها كثير كثير ونفسي أبوس ترابها".

حبُّ الوطن فطرة زرعها الله في قلب كل إنسان، ولكن قوات الاحتلال تقابل حب هذا الطفل الكبير لوطنه بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيلة للدموع، ومع ذلك يقول: "بدي أرجع على يبنا وما بخاف حتى لو أجاني طلق".

فلسطين للكل

وبجانب الخيام التي نصبتها الهيئة الوطنية لمسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار على شاطئ البحر بالقرب من زيكيم، تجلس أميرة وهدى ومحمد على عربة الحصان أمام جدهم الذي يحدّثهم عن فلسطين المغتصبة، والمآسي التي ألمّت بالناس عام 1948.

وتنفي أميرة محمد الدعمة (12 عامًا) من بلدة جباليا البلد، وهي إحدى المشاركات في مسير أول من أمس، أن تكون مسيرات العودة تخصُ فئةً من سكان القطاع دون غيرها "الكل بطلع عشان فلسطين".

مسيرات العودة لا تقتصر على الكبار فقط، إنما هي للأطفال أيضاً، تقول الدعمة بلسان تملّكته الجرأة والشجاعة: "اللي بدّو الوطن ما بخاف من المحتل".

يشار إلى أن عدد الشهداء في صفوف الأطفال المشاركين في مسيرات العودة السلمية منذ بدايتها حتى اليوم بلغ 36 شهيدًا، وما يزيد على 4200 إصابة، وهذا انتهاك صريح لكل الحقوق التي وضعها العالم للطفل.