فلسطين أون لاين

​لتسهيل هضم الدروس

الزاملي مَسرَحَ المنهاج وغنّى المدود بالدحية

...
المعلم الزاملي داخل مدرسة عبسان "ب"
غزة/ مريم الشوبكي:

إن كنت زائرًا لـ"مدرسة عبسان بنين ب" وتداعى إلى مسامعك صوت "سمعني صوت المدود والحركات الطويلة... سمعني صوت الحروف والحركات القصيرة" على نغمة "الدحية البدوية"، ستعرف أن الأستاذ "إبراهيم الزاملي" بدأ درسه اليوم لطلاب الصف الأول الابتدائي.

المدرس الزاملي فكر خارج الصندوق وأخذ بطرق التعليم بعيدًا عن الحفظ والتلقين الفج، بمسرحة المنهاج الدراسي في قالب درامي وغنائي، حوّل فصله الدراسي إلى مسرح يعرض فيه الدروس بطريقة حية يضرب بها عصفورين بحجر واحد، يفرغ الطاقات، ويرسخ المعلومة في ذهن طلابه.

بالصدفة

الزاملي يقطن في مدينة رفح، ويدرّس في شرق خانيونس لطلبة الصف الأول الأساسي منذ 13 عامًا كلّ المواد الدراسية عدا اللغة الإنجليزية، مبتكرًا خطًا تدريسيًّا خاصًّا به، مبنيًّا على المسرح والتعزيز بخلاف الطرق التقليدية.

يقول لـ"فلسطين": "بالصدفة البحتة ابتكرت مسرحة المنهاج، حينما حولت درسًا للغة العربية لمسرحية، انبهرت بتفاعل الطلاب معها وكذلك المشرف ومدير المدرسة اللذين شجعاني على الاستمرار بعد ثنائهما على طريقتي في عرض الدروس".

ويضيف الزاملي: "في العام الثاني لبدء عملي في سلك التعليم، جاءتني فكرة مسرحة المنهاج وتقديمها في قالب غنائي، وبذلك حولتها إلى دروس حية لمسها الطلاب وسمعوها وشاهدوها بعد أن كانت دروسًا جافة".

ويشير إلى أن المسرح أداة لتسهيل العملية التعليمية على الأطفال، وتقديم الدروس وجبة يسهل هضمها لطلابه، باستخدام موهبته في كتابة الشعر والقصة القصيرة.

مسرحة التعليم

بعد أن حققت طريقة الزاملي المبتكرة في التعليم نجاحًا كبيرًا، قدم 13 درسًا توضيحيًّا بطريقة "المسرح" بناءً على طلب مدير المدرسة والمشرفين التربويين على نطاق مديرية شرق خانيونس بحضور عدد من مدرسيها، ومشرفيها، ومدير المدرسة أيضًا.

ويبين الزاملي أن أغلب طلابه يشاركون في لعب الأدوار التي يقدمها في فصله، ما انعكس إيجابيًّا على جميع الطلاب حيث رفعت من مستوى تحصيلهم الدراسي.

ويوضح أنه من خلال مسرحة المنهاج اكتشف مواهب طلابه، وعلمهم أيضًا القيادة والقدرة على الخطابة وتحمل المسؤولية، وباتت لديهم الجرأة على تقديم المسرحيات على نطاق أوسع من نطاق المدرسة، وفي الاحتفالات التي تقيمها الوزارة.

انتشر للزاملي عبر منصات التواصل الاجتماعي، فيديو يعلم فيه طلابه مدود الحروف بطريقة "الدحية" ولاقى تفاعلاً كبيرًا، يقول: "الدحية فن انتشر سريعًا في المجتمع، والصغار باتوا يرددونه، لذا ألفت كلمات لدرس المدود ويؤديها طلابي بلحن الدحية".

ويلفت إلى أن التعليم بالمسرح أحدث صدى لدى أولياء أمور الطلاب بسرعة حفظ أبنائهم، وخلق لغة حوار وتواصل معهم من خلال سرد وتمثيل الدرس مرة ثانية أمامهم.

ويهدف الزاملي بتحويل المنهاج إلى أدوار وأغنيات، إلى تفريغ طاقة الطلاب، فالطفل عبارة عن كتلة من الحركة والنشاط في هذه المرحلة العمرية، وإثارة دافعية الطلاب ونشاطه وتحبيبهم في الدراسة.

ويؤكد أن التعليم باللعب ضرورة ملحة، فهناك ألعاب جاهزة يمكن استخدامها، ومن يستطيع الابتكار فالمجال أمامه.

التعزيز قمر وأسد

إضافة إلى الابتكار في طرق التعليم، يقدم "الزاملي" أسلوبًا خاصًا به في التعزيز الإيجابي، والذي بات طلابه يستخدمونه تلقائيًّا لأي طالب يجيب إجابةً صحيحة في الدرس.

يقول: "لكي أشكر طالبًا بعيدًا عن ممتاز يا بطل، أحفز الفصل بقولي قاصدًا الطالب الذي أجاب لتوه إجابة صحيحة، العسل ماذا نقول له؟ فبنغمة وصفقة واحدة عسل عسل نحلة، وأما الأسد ماذا نقوله له؟ فيرددون أسد أسد ملك، القمر قمر نور".

ويؤكد الزاملي أن المعلمين بحاجة إلى امتلاك أساليب إبداعية، فالأطفال في فلسطين لديهم كبت ويحتاجون إلى من يفرغ طاقاتهم، حيث لا وفرة للألعاب في المدارس، لذا على قدر المستطاع يجب تعويض هذا النقص بابتكار ألعاب أو استخدام ألعاب سابقة.

الاستمرار في ابتكار وابتداع أساليب تدريس غير مألوفة وتحدث فرقًا في المستوى الدراسي للطلبة، يتوقف على مدى استمرار المدرس فيها مصحوبًا بتشجيع أولياء الأمور ومسؤولي العملية التعليمية وثنائهم، وفق قوله.