فلسطين أون لاين

عمره 84 عامًا ولم يتخلّف يومًا عنها..

الحاج أبو هاشم يرى جمال بيت جرجا في مسيرات العودة

...
الحاج أبو هاشم في مخيمات العودة
غزة/ نسمة حمتو:

بهمته التي تفوق همة الشباب وروحه المحبة لبلدة بيت جرجا المحتلة التي هاجرت منها عائلته، يحاول أن يثبت نفسه في كل مرة في مسيرات العودة فهو لم يتخلف ولو جمعة واحدة عنها سوى الجمعة التي رحلت فيها رفيقة دربه زوجته وغادرت الحياة، ليعود الجمعة التالية إلى المكان نفسه يناضل بقلبه وروحه الثائرة التي تشجع الشباب دائماً على عدم مغادرة المكان..

بلدة جرجا

الحاج محمود أبو ناصر "أبو هاشم" (84 عامًا) من سكان مخيم جباليا، لم يتخلف يوماً واحداً عن المشاركة في مسيرات العودة وكسر الحصار، إلا الجمعة التي فارقت فيها زوجته الحياة، ليعود مرة أخرى بهمة عالية مؤمناً بقضيته العادلة، وأنه لا تنازل عن هذه الأرض مهما كانت التضحيات..

منذ بداية مسيرات العودة والحاج محمود يشارك كخلية النحل في المسيرات، وعن مشاركته قال لـ"فلسطين" :"حتى لو كنت مسجونًا أو مكتّف اليدين والقدمين أو معصوب العينين فإنني عندما أصل إلى منطقة الحدود وأتذكر بلدة جرجا وحقي فيها أشعر بأنني ولدت من جديد، أقف هناك على الحدود أتذكر المدرسة الابتدائية التي تعلمت فيها".

وأضاف: "عمري الآن 84 عامًا ولكنني رغم هذا العمر لم أنسَ مدينتي التي عشت فيها ما زلت حتى الآن أذكر بيتنا المصنوع من الطين، أذكر والدتي وكل شيء كما لو أنه كان الأمس، عندما شاركت في مسيرة العودة شعرت أن الحياة عادت لي مرة أخرى فمنذ أن هاجرنا قبل 70 عام وحتى اليوم لم أفقد الأمل في العودة".

حب البلاد

وتابع أبو ناصر قوله: "أشعر براحة كبيرة عندما أرى الكبير والصغير يذهبون للمسيرات عندما أشاهد هذا الجيل يطالب بالعودة إلى البلاد، كنت وحيد والدتي ووالدي وليس لدي إخوة كان عمري 15 سنة عندما هاجرنا من البلاد".

وأكمل قوله: "حتى والدتي ماتت وهي تتحسر على البلاد، ما زلت أذكر طيبة والدتي وكيف كانت تزرع الكرم كانت لدينا أراضٍ شاسعة مزروع فيها عنب وخوخ وتين وجميز ونزرع قمح وشعير وعدس وفول".

وقال: "حتى أبنائي دائماً أحرص على الحديث معهم عن البلاد وعن الأراضي التي كان والدي يمتلكها عن حب والدي لبيت جرجا، وحزنه الشديد على أراضينا التي تركناها ورحلنا، حتى والدي مات وهو يتمنى أن يعود مرة أخرى لأرضه رغم هذا العمر الذي بلغته إلا أنني لم أفقد الأمل في عودتي مرة أخرى لمنزلي في بيت جرجا".

بيوت الطين

أبو ناصر كانت لديه أمنية أن يستطيع نقل زوجته إلى مسيرات العودة كي ترى جمال البلاد منها ولكنها بسبب مرضها وعدم قدرتها على المشي لم تستطع ذلك.

وأضاف: "كل الأشياء في بلدي بيت جرجا كانت جميلة، كنت أعيش في بيت من الطين، وعندما تكون هناك مناسبة نحتفل ثلاثة أيام في السامر، كانت هناك جلسات ومقاعد للرجال وأخرى للنساء، حتى كان هناك مجالس للعائلة نجتمع فيها كل يوم".

وتابع قوله: "كان الأهل والجيران يجتمعون ويجلبون الأكل فواحد يأتي بطبق السلطة وآخر دبس العنب ونجلس مع بعضنا نروي القصص ونصنع القهوة على النار، كان هناك تعاون كبير فيما بيننا فعندما نصنع اللبن نعطي جارتنا منه، دائماً كنت أقول لزوجتي قبل أن تغادر الحياة لو أن المسافة صغيرة بيننا وبين البلاد كنت أخذتك في رحلة هناك إلى كروم العنب والتين إلى جنة الأرض التي أتمنى أن يمد الله في عمري حتىأتمكن من زيارتها مرة أخرى".

أبو ناصر كل ما يتمناه الآن أن يستطيع الشباب الصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي وأن تستمر مسيرات العودة حتى يتحقق حلمه في العودة مرة أخرى إلى بلاده.