فلسطين أون لاين

​شكلت فرقة "النبي يجمعنا"

"رضوان" نافست "المداحين" في ميدانهم

...
غزة - مريم الشوبكي

عذوبة صوتها وجهوريته جعلاها تقتحم ميدان المديح النبوي، وهذا المجال من النادر جدًّا أن تجد امرأة تبرع وتزاحم فيه بغزة، وبعد أن ذاع صيتها على مدار15 عامًا، شكلت فرقة نسائية تنشد في الأفراح وحفلات الميلاد والعودة من الديار الحجازية.

على وقع ترانيم "رنا رضوان" بـ"يا سامع مدح النبي.. صلي على طه النبي، افديه بأمي وأبي، روح فدا النبي.. يا سامع" يخفت ضجيج السامعات، وترقّ قلوبهنّ طربًا وخشوعًا لذكر "نبي الله محمد"، ومع مديح "الديار الحجازية" يسرحن بخيالهن في جولة "حج" هناك ويعدن حينما توقف ترانيمها.

المديح النبوي

تقول رضوان 35 عامًا لـ"فلسطين": "منذ 15 عامًا أحيي هذه الحفلات وحدي، ومنذ عام تقريبًا كونت فرقة حب النبي يجمعنا، تضم خمس سيدات إضافة إلى ابنتها ذات 17 عامًا، ومعها بدأت بإحياء الأفراح وغيرها من المناسبات".

وتتابع: "أكثر ما يطلب مني هي المدائح النبوية والتي أجيدها كثيرًا لجهورة صوتي، وهذا ما تميزت به لأن قلائل من النساء من يجدن المديح الذي برع به الرجال عادة، إضافة إلى المواويل والأهازيج الشعبية وأناشيد المناسبات السعيدة الأخرى".

وراء نجاح أي امرأة لا بُدَّ أن يكون سندًا وداعمًا، تبين رضوان أن الداعم الأول لها هو والدتها التي كانت تشجعها على إظهار موهبتها وإمتاع الناس بصوتها الجميل، وبعد زواجها أكمل هذا المشوار زوجها الذي ساعدها في تربية الأبناء واستمرارها في عملها كمنشدة للسيدات.

وتوضح أن بدايتها كانت في التجمعات النسائية في المساجد، ومن ثم الاحتفالات التي تقيمها الجامعات، ومن ثم المدارس، والرحلات الترفيهية الخاصة بالسيدات، ومن ثم ذاع صيتها لتستدعيها ربات البيوت لإحياء مناسباتهن الخاصة في البيوت.

المنتقدون

والناجح دائمًا يواجه المنتقدين والمثبطين، فكيف واجهتهم "رضوان"؟ تجيب: "لم أواجه أي انتقاد سلبي ممن حولي بالعكس دائمًا ما يشجعوني على الاستمرار، بل واجهته من بعض المتشددين في الدين بضرورة الحفاظ على موهبتي بأن الله حباني مزمارًا من مزامير داود، لذا لا بُدَّ ألا أن أجهر به في أماكن عامة حتى لو لنساء فقط، حتى لا يفتن الرجال على حدِّ قولهم".

وتردف قائلة: "ومنهم من واجهوني بقولهم إن صوت المرأة عورة وحرام أن تجهر به، أردّ عليهم بأنني حصلت على فتوى من كبار علماء الدين بأن صوتي طالما تسمعه النساء ولا أستعمله في أغانٍ ماجنة محرمة شرعًا فهو حلال".

واستطاعت رضوان أن تحقق انتشارًا واسعًا حيث أحيت احتفالات ومناسبات عديدة من جنوب قطاع غزة حتى شماله، وهذا الانتشار تطلب منها تكوين فرقة لتساعدها في إحياء الحفلات، منذ عام تقريبًا بدأت باختيار الأصوات النسائية من خلال تقديمهم للجمهور ومن وصلت إلى قلبه وحازت على إعجابه ضمتها إلى فرقتها والتي أسمتها "حبي النبي يجمعنا".

ومن ضمن الأصوات العذبة التي استعانت بها كانت ابنتها "ملك" التي ورثت جهارة وحلاوة الصوت عن والدتها، فضمتها إلى فرقتها وهي في عمر الخامسة عشرة عامًا.

عند سؤالها عن جمال أصوات منشدات فرقتها، أجابت رضوان: "الله الله على جمال أصواتهنّ فكل سيدة من السيدات الخمسة لها ميزة خاصة في صوتها، وتتراوح أعمارهنّ من 20 عامًا حتى 50 عامًا، وتسعى إلى زيادة عدد منشدات فرقتها مستقبلًا".

قناة مديح

وتطمح بإنشاء قناة متخصصة بالمديح النبوي، مثل القنوات التلفزيونية التي تبث القرآن فقط، لنشر هذا الفن الذي يحرك جميع الحواس لدى الإنسان ويزيد تعلقه بسيد الخلق أجمعين نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وإدخال الراحة والطمأنينة على قلب الشعب الفلسطيني المجروح.

واستطاعت رضوان أن تفرض نفسها كمنشدة مختصة في المديح النبوي، وتقتحم به ميدان الرجال، حيث باتت النساء يقمن حفلات المديح النبوي التي اقتصرت منذ زمن على التجمعات الرجالية فقط، وتستطيع كل سيدة حسب مقدرتها المالية أن تطلب عددًا معينًا من الفرقة.

رضوان متعددة المواهب، فهي تضرب على الدف، وتألف الأناشيد وتقوم بتلحينها، وتدرب منشدات فرقتها على المقامات الصوتية التي برعت هي بها -وفق قولها-.

ومن الملاحظ اهتمام السيدات في قطاع غزة، إيعاز مناسباتهن واحتفالاتهن لفرق نسائية تبدع في المديح النبوي، عزت رضوان السبب: "المجتمع الغزي منهكٌ من الحروب واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة، وبات موجوعًا يريد أن يرفه عن نفسه، ويشغل قلبه بما يريحه بالاستمتاع بالمديح النبوي الذي يخفف عنه أوجاعه".