فلسطين أون لاين

​باستشهاده تمنى أن تتم المصالحة

"شخصة" زُفَّ شهيدًا لا عروسًا كما خطط والده

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

كان أبوه يحلم أن يزفه عروسًا إلى عروسه، يعد لذلك الشهور المتبقية على إنهاء دراسته في الهندسة المعمارية، جهز له شقة الزوجية، لكن "محمدًا" تمنى أن يكون له عرس خارج هذه الدنيا حيث الخلود والحور العين.

من يتجول في صفحته الشخصية في فيس بوك، يستشف محمد المثقف الثائر، في أحد منشوراته يؤكد أنه لن يحيد عن هذا الطريق "أنا لن أحيد، لأنّي بكُلِّ احتمالٍ سَعيْد: مَماتي زَفافٌ، وَمَحْيايَ عِيدْ.. سَأُرغِمُ أنفَكَ في كُلِّ حالٍ، فإمّا عَزيزٌ.. وإمّا شَهيدْ!".

تزويجه

يحكي بسام شخصة والد الشهيد محمد (24 عامًا) من حي الشجاعية، عن استشهاد نجله: "بعد تناول طعام الغداء معنا توجه محمد إلى موقع ملكة ليشارك في مسيرة العودة، حيث كان بين الفينة والأخرى يحرص على المشاركة، ويعود كعادته قرب أذان المغرب، ولكن هذه الجمعة لم يعد".

ويضيف شخصة لـ"فلسطين": "قنص محمد برصاصة متفجرة في رأسه، لفظ أنفاسه الأخيرة من فوره، ومن شاهد فيديو توثيق لحظة استشهاد محمد يتأكد أنه اغتيل اغتيالًا لأنه كان مع مجموعة من الشباب والسيدات الثائرين ولم يكن يحمل حجرًا".

و"محمد" كان شابًا مثقفًا تبقى فصل دراسي واحد له، لكي يحصل على شهادة التخرج ليصبح مهندسًا معماريًّا، وجهز له والده شقة ينتظر أن يزوجه.

وردًا على من يزاود على الشهداء بأن مشاركتهم في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، تأتي هربًا من مشاكلهم الاجتماعية والفقر وخلاصًا من أزماتهم النفسية، يقول شخصة: "محمد إنسان هادئ ومثقف، ويكمل دراسته الجامعية، ولم يعانِ من أي مشاكل نفسية أو مالية، بل له شقته الخاصة أيضًا، وكان دافعه وطنيًّا بحتًا، وكان يؤمن بأن العودة آتية لا محالة".

صديقه ينعاه

حدثه أحد الأشخاص أن "محمد" مصابٌ، وعليه أن يتوجه للمستشفى لكي يطمئن عليه، ولكن قلبه كان يحدثه بأن محمد شهيد ولم يخيبه حدسه، فقد نال ابنه ما كان يتمنى شهادة في سبيل الله والوطن.

ومن الصفات التي يتمتع بها "محمد"، يقول والده: "كان كتومًا جدًا، ولا يبوح بسره لأحد، وملتزمًا دينيًّا، وحبه الجم لوطنه وبغضه للاحتلال، لم يظهر يومًا أنه ينتمي لأي فصيل، وهذا ما ترجم في جنازته حيث شاركت جميع الفصائل في تشييعه".

ويردف: "جنازته كانت عرسًا وطنيًّا كبيرًا وهذا ما هون عليّ فراقه، لمست محبة الناس بكثافة المعزين الذين أتوا لمواساتي بفقدانه شهيدًا".

نعاه أحد أصدقائه على جدار صفحته في "فيس بوك" بكلمات تدل على الأثر الذي تركه محمد في نفوس من عرفهم "لم يكن بارعًا في الهندسة المعمارية والمدنية فقط، بل كان فنانًا في هندسة الأخلاق والذوق، بارعًا في هندسة التعامل مع الآخرين"

ويضيف: " سبّاق في رسم وتخطيط البسمة على وجوه المحتاجين، محترف في تنسيق أعماله الدعوية والعسكرية والتنظيمية والأسرية أبو بسام كان.......، لا أعرف كيف أصفه، كان دائما شهيدا".

وختم قائلا: "قبل ثلاث سنوات طلب الشهادة وكان له ما طلب، وأتمنى أن يكون آخر شهيد في مسيرة العودة، وتتم المصالحة وينتهي الانقسام البغيض ويرفع الحصار عن غزة".