فلسطين أون لاين

​سعد.. تقتني 66 نوعًا من الصبار

...
صورة أرشيفية
غزة/ هدى الدلو:

طبيعة عملها في الصحافة جعلتها تخوض تجربة التنقل من شمال قطاع غزة حتى جنوبه، ومن شرقه حتى غربه، لمتابعة الأحداث والتطورات الجارية على أرض الواقع من أجل نقلها عبر أثير الإذاعة التي تعمل لصالحها.

وخلال تجوالها فوجئت بانتشار نبتة الصبار الصحراوية بكثرة رغم الطبيعة الجغرافية للقطاع كونه من المناطق الساحلية، ليتولد لديها شغف في اقتناء هذه النبتة والبحث عن تفاصيلها ومعلومات عنها، حتى باتت تحتفظ في منزلها بما يقارب 66 نوعًا من نباتات الصبار.

دينا سعد صحفية غزية تبلغ من العمر 20 عامًا، تدرس في جامعة الأزهر غزة في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية تخصص ترجمة، وإضافة إلى عملها في المجال الإذاعي فإنها كانت تعمل مراسلة لوكالة أجنبية، الأمر الذي جعلها تخوض تجربة التنقل من مكان لآخر، وزيارة البيوت القديمة والقرى والقبائل الموجودة في مختلف مناطق قطاع غزة.

وقالت: "فوجئت بوجود الصبار في منطقة ساحلية مثل مدينة غزة وكان يلفتني تحمله، إذ لطالما شبهت نفسي به، وفي كل مرة كنت آخذ صبارة من الأرض وأزرعها في البيت، ثم أدخل في رحلة البحث عن اسمها ونوعها، أتذكر أني قضيت ليلة كاملة وأنا أقرأ عن أحد أنواع الصبار".

وأضافت سعد: "حتى أصبح الصبار شغفي وصار يعلمني حبس النفس على ما تكره، دون جزع، كما أنه يذكرها بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، كان مصطلح الفلاح والنجاح مقترنًا عندي بالصبر، الذي هو أهمّ الوسائل التي تعيننا على هذه الحياة وتصبّرنا".

وتعتقد أن نبات الصّبار يُمثل حقيقة وجودهم وقوة صبرهم وصُمودهم في وطنهم، وهو شاهد حقيقي على دمار المدن والقرى التي هُجر مِنها آباؤهم وأجدادهم بِقوة السلاح، ومع أنهم استطاعوا هدم البيوت وطرد أهلها، وإخفاء كل معالم القرى وحتى زرع السرو والصنوبر على أنقاضها، بقي الصبّار مُنتشرًا في خرائب وحدود القرى المُدمرة والمُهجرة في البلاد، وهذا ما لاحظته في أثناء رحلتها الإعلامية.

وأوضحت سعد أن أبرز ما يميز هذه النبتة أنها تعيش من لا شيء، وكل ما تريده فقط هو أرض لترتبط بها، حتى لو قطعت لوح صبار ورميته فإنه يبني جذورًا في الأرض ويعيش.

وتابعت حديثها: "هذا ما لاحظته مليًا في أثناء اقتنائي لهذه النباتات، فأنا أخرج من المنزل الساعة السادسة صباحًا لأداء موجز الأخبار، كوني أعمل في إذاعة، وأعود منهكة في الثامنة مساءً لأن لدي جامعة ومشاريع أُخرى، فليس لدي وقت كافٍ من أجل الاعتناء بنباتات الصبار، ولكن رغم هذا أجده يُزهر ويكبر، ووجدت أن له قدرة احتمال عجيبة في بقائه في ظروف البيئة القاسية، إذ يشبه بذلك الإنسان الفلسطيني المتشبث بأرضه رغم الظروف السياسية والاقتصادية القاسية".

لم تواجه أي مشاكل مع والدتها لحبها اقتناء نباتات الصبار بأنواعه المختلفة، بقدر تلك التي واجهتها مع والدها الذي لا يطيق تجديدًا في البيت، ولا يؤمن بأي فكرة من الأفكار التي تطرحها إذ يعدّها "مجنونة" لأنها تخرج دائمًا عن الصندوق.

واستكملت سعد: "والكثير من الأصدقاء ممن يدرسون علم الطاقة ويؤمنون به كانوا يكرهون دخول منزلي لأن الصبار الموجود فيه يبث طاقة سلبية على حد علمهم، لأنه يحتوي على العديد من الانكسارات، إلا أنني اختلفت معهم لأن علم طاقة كثير منه يعتمد على الجانب النفسي".

وأخيرًا "كان نبات الصبار يقول لي مرارًا وتكرارًا: "دينا لا تتوقعي مني أنا نبتة الصبّار أن أثمر لك التفاح"، وكأنها بذلك تريد أن تعلمني أن أعرف أصل الأشياء وماضيها، كي لا أصطدم في المستقبل معها"، وفق قولها.