فلسطين أون لاين

​سماهر وحياة.. صديقتان متطوّعتان تداويان "جرحى العودة"

...
صورة أرشيفية
غزة/ أدهم الشريف:

ما إن أصابت رصاصة قناص من جيش الاحتلال، أحد الفتية المشاركين في مسيرات العودة السلمية، حتى تحركت المتطوعة في مجال الإسعاف سماهر ظاهر مسرعة تجاهه لتضميد جراحه. لحظتها كانت زميلتها وصديقتها حياة قريبة من المكان، فسارعت هي الأخرى إلى اللحاق بها لإنقاذ الشاب الذي نزف دمًا بغزارة إثر رصاصة متفجرة فتكت بساقيه.

لم يكن هذا إلا مشهدًا واحدًا من مسلسل استهداف المشاركين في المسيرة السلمية قرب السياج الفاصل بين غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948.

ورغم الخطر الكامن للصديقتين قرب السياج، شمال وشرق قطاع غزة، إلا أنهما مصرتان على مواصلة إنقاذ الجرحى وتقديم الخدمة الإنسانية لهم.

والصديقتان خريجتا تخصص سكرتارية طبية وحاصلتان على دبلوم تمريض، وهنا متطوعتان في تقديم الخدمات الطبية الإسعافية لجرحى مسيرات العودة من خلال وزارة الصحة بغزة.

قالت سماهر (28 عامًا) إنها تشارك في مسيرات العودة منذ انطلاقها، وقد تعرضت لمخاطر كبيرة رغم لباسها الأبيض.

وأضافت لصحيفة "فلسطين"، أن جنود الاحتلال لا يعيرون أي اهتمام لمقدمي الخدمات الطبية أو غيرهم، فعندما يطلقون رصاصاتهم لا يفرقون بين أحد إن كان كبيرًا أو صغيرًا.

وانطلقت مسيرة العودة، في 30 مارس/ آذار الماضي، الذي وافق الذكرى الـ42 لأحداث يوم الأرض.

وكانت المناطق الشرقية للقطاع مكانا للمشاركين في المسيرة، حيث نظموا فعاليات وطنية متنوعة في كل يوم جمعة، قبل أن يتوجهوا حديثًا إلى نقطة تماس مع جنود الاحتلال تقع في أقصى شمال غرب القطاع الساحلي، على مشارف موقع "زيكيم" العسكري.

ومع الانطلاقة الجديدة، رافق المتظاهرون برًا قوارب كسر الحصار انطلاقًا من ميناء الصيادين كل يوم إثنين إلى موقع زيكيم. وقد راوغت القوارب الصغيرة زوارق بحرية الاحتلال الحربية التي أطلقت الرصاص بكثافة من أسلحتها الثقيلة.

وبدت سماهر غير مبالية برصاص جنود الاحتلال المتمركزين خلف الثكنات المحصنة في "زيكيم"، أو من يطلقون الرصاص من الزوارق الحربية.

وقالت سماهر وهي من سكان بلدة بيت لاهيا، شمالاً، إنها لأول مرة تأتي وصديقتها حياة إلى منطقة "زيكيم"، فهي تعمل دومًا في منطقة أبو صفية، شمال شرق مخيم جباليا.

واضافت: "أينما تذهب حياة أكون معها لتقديم الخدمات الطبية للجرحى".

وروت سماهر كيف ساعدت في انتشال أحد الشهداء شرق منطقة أبو صفية، بعد أن أصابته رصاصة متفجرة أطلقها قناص احتلالي من وراء إحدى التلال العالية خلف السياج الفاصل، وأصابت رأسه وانفجرت بداخله.

وقالت: "المشهد كان مرعبًا لن أنساه طوال حياتي بعكس مشاهد المصابين في أماكن أخرى من أجسادهم بالرصاص أو اختناقًا بالغاز، فقدرتي على التعامل مع مثل هذه الحالات كبيرة".

وقالت صديقتها حياة (25 عامًا): "عندما رأيت الحجم الكبير من الإصابات كان لزامًا التطوع لمساعدة المسعفين في إنقاذ المصابين برصاص جنود الاحتلال".

وأضافت حياة، من سكان شمال القطاع أيضًا، أنها تعرضت لإطلاق رصاص من جنود الاحتلال الإسرائيلي، وقنابل غاز بكثافة جعلتها في عديد المرات غير قادرة على التنفس.

وتبدو سماهر وحياة في حالة انسجام تام وهما تشاركان بعضهما بعضًا في تقديم الإسعافات الأولية للجرحى والمصابين بالرصاص الإسرائيلي وحالات الاختناق.

وختمتا حديثهما لصحيفة "فلسطين" وهما على مقربة من موقع "زيكيم"، حيث الثكنات والزوارق الحربية: "نحن مستمرتان في إسعاف المصابين حتى لو كلفنا الأمر حياتنا".