لم تتأخر المرأة الفلسطينية عن الرجل في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، والوقوف في وجه اعتداءاته ومشاريعه، إذ بدأت من اليوم الأول لوجود الاحتلال، وفق ما تؤكده عضو المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح في مدينة نابلس المحتلة منى منصور.
وتقول منصور، زوج الشهيد القائد في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" جمال منصور، لصحيفة "فلسطين": "إن المسيرة الكفاحية للمرأة أبهرت العالم بما تحمله من شجاعة قل نظيرها، وصدمت الاحتلال الإسرائيلي الذي رأى أن ما قدمته المرأة الفلسطينية يصعب على الرجال أنفسهم حمله".
وتبين أن طريقة كفاح ونضال المرأة ضد الاحتلال الإسرائيلي بداية اختلفت في جوانب عدة عن طريقة كفاح الرجل والتقت معها في جوانب، غير أنها بقيت عنصرًا أساسيًّا في المعادلة، ولم تكن عنصرًا ثانويًّا على ما تحمله بنيتها من ضعف.
وترى النائبة منصور أن المرأة كانت -ولا تزال- الجبهة الخلفية الحامية لظهر المقاومة، التي ينفذها الرجل مباشرة، وأنها في ظل هذه الحالة عملت على الحفاظ على اللبنة الأولى في المجتمع، ألا وهي الأسرة الصغيرة.
تضيف: "الحرص على الأسرة الصغيرة كان عمود الخيمة الأول للحفاظ على ديمومة العمل الكفاحي المقاوم، ولو لم يكن هناك دور للمرأة الفلسطينية في التربية والتوعية والحفاظ على القيم والتوجيه لانهارت المسيرة باكرًا".
وتلفت منصور إلى أن المرأة استطاعت في ظل حالة "الاستوحاش" الإسرائيلي في مفاصل عمر الصراع والانتفاضات المتتالية أن تحافظ على بيتها، وأن تقف جدارًا منيعًا في الحفاظ على نفسها وأسرتها من الاستهداف والإسقاط.
تتابع: "إن المرأة مارست مع التطور في الحالة الفلسطينية المقاومة نفسها، وأساليبها كافة، وانتقلت في مراحل عمر الاحتلال إلى العمل المؤسسي ذي المفاصل الحيوية، لتشكل نقطة أساسية في تركيبة وتكوين المجتمع، وتفعيل حالة الوعي فيه".
وتكمل: "كانت المرأة في عمر الصراع مع الاحتلال مكافحة ومقاومة وممارسة للأعمال كما الرجل؛ فهي الطبيبة، والمعلمة، والمرشدة، والمدربة، والسياسية، ولم تترك جانبًا اجتماعيًّا إلا وكانت عنصرًا فعّالًا ورئيسًا فيه".
وترى منصور أن المرأة المقدسية أنموذجًا حيًّا مثلت أدوات الكفاح متكاملة، فكانت حزام أمان للمسجد الأقصى، بالرباط فيه، وحمايته، في ظل تغول الاحتلال، ومنعه الرجال من الصلاة فيه، سوى كبار السن الذين لا يقوون على مواجهة أي عدوان أو اقتحام ولا صدهما.
همة عالية
تقول: "بصوت واحد تنطلق المرابطات بالتكبير، وبهمّة عالية ودون تردد يُلبين نداء الأقصى، ويؤدين واجب الدفاع عنه وحمايته في أحلك الأوقات وأصعبها، فينتشرن في باحاته كأنهن جنوده وخط الدفاع الأول؛ فجعلن الاحتلال عاجزًا أن يخطو أمامًا بمخططاته".
وتذكر منصور أن دور المرأة المقدسية الكفاحي لم يتوقف حتى الأيام الحالية التي نعيش، إذ تشاطر المواطنين الرباط في منطقة الخان الأحمر المهددة بالهدم شرق القدس المحتلة.
وتلفت إلى أن دور المرأة الكفاحي في الضفة لم يكن أقل من الذي مارسته المرأة المقدسية، فلا تزال تترك بصمة واضحة، أيقونةً قل نظيرها في العالم، "فكانت المقاومة والأسيرة والشهيدة والعاملة في الميدان، والميادين السياسية".
وتنبه منصور إلى أن مشاركة المرأة بالضفة في العمل السياسي لم تكن بالأمر السهل، إذ وقفت في طريقهن المعوقات الكثيرة، ووضعت العصي في دواليب نجاحهن، غير أنهن لم يبالين بهذه الحالة، واستمررن في طريقهن لتحقيق الرسالة التي شاركن من أجلها.
وتذكر أن كثيرًا من النسوة اللواتي شاركن بالضفة في نطاق العمل السياسي المعارض للاحتلال وغير المهادن له واجهن معوقات وضغوطات، ولوحقن وزججن في السجون، ولوحق واعتقل أبناؤهن وأزواجهن، واقتحمت بيوتهن، وهددن، وأشيع "الرعب" الدائم في حياتهن وداخل بيوتهن.
تقول منصور: "إن العقيدة الراسخة في قلب المرأة كانت المثبت الأساسي لها، رغم ما تواجهه من صعوبات، وإن كانت أكبر من قدرتها؛ فإيمانها بخدمة شعبها وقضيته، وأن الصعوبات تهون من أجل الوطن كان وقودًا دائمًا للاستمرار، وعدم التراجع أي خطوة إلى الوراء".
وتختم: "إن المرأة الفلسطينية في كل أماكن وجودها وفق ما توثقه الشواهد الحية سطرت مسيرة كفاحية ضد الاحتلال الإسرائيلي، يتخللها أبرز معاني الكفاح والتضحية".

