فلسطين أون لاين

​ماذا تترك الإصابة في نفسية المصاب؟

...
صورة أرشيفية
غزة / هدى الدلو:

رغم خطورة الآثار الجسدية التي تتركها الإصابة على جسد المصاب، إلا أن الآثار النفسية والاجتماعية أشد أثرًا على المصاب، فإلى جانب وجعه وألمه إلا أن الوجع النفسي والاجتماعي قد لا يقوى على تحمله، مما يحتم على الأسرة والمجتمع احتواء واحتضان المصابين.

خاصة أن الشعب الفلسطيني على مر سنواته الماضية والمقبلة، وهو في صراع مستمر مع الاحتلال الإسرائيلي سواء عن طريق المقاومة المسلحة أو السلمية، لذا لا بُدّ من الانتباه لطريقة التعامل مع المصاب نفسيًّا واجتماعيًّا.

الاختصاصي الاجتماعي حسام جبر قال: "الأثر النفسي والاجتماعي على المصاب يختلف من شخص لآخر حسب مدى تقبله لحالته بعد الإصابة، ومدى تفاعله مع الحدث وتأثره به، إضافة إلى مقدار احتواء من حوله لوضعه الذي آل إليه، ومدى مراعاة حالته الصحية والنفسية، مؤكدين امتلاكه قدرات وإمكانات لم يفقدها بعد الإصابة".

وأضاف أنه تكمن خطورة الآثار النفسية في عدم استيعاب الشخص المصاب لوضعه بعد الإصابة، خاصة بعد أن كان ممارسًا لحياته بصورة طبيعية، ويعيش في أجواء وجوانب صحية وسليمة، وفي لحظة تعرّض لحالة بتر أو إصابة جسدية أثرت في حياته.

وأشار جبر إلى أن الأثر النفسي يظهر حسب طبيعة الإصابة، فإذا كانت صعبة وخطيرة فإنها تدخل المصاب في جو من الكآبة، وتؤثر في سلوكياته، وينظر للحياة نظرة شؤم، وحسرة وألم، وقد تظهر عليه تصرفات غير منضبطة، وحالة من العصبية والنكد عليه وعلى من حوله، وتستمر هذه الحالة حسب مدى تأقلمه مع وضعه الصحي بعد الإصابة.

وبين أن الحالة الصحية قد تدخل المصاب في حالة من تأنيب الضمير على الوضع الذي وصل له، فالأجواء النفسية الصعبة تقوده إلى النظرة السلبية للحياة والمستقبل، ومخلفات الإصابة هي انعكاسات وأجواء سلبية للشخص.

ولفت جبر إلى أن للإصابة أيضًا أثرًا اجتماعيًّا، فينتاب المصاب حالة من رفض الآخر بسبب نفسيته المحطمة، ولا يبدي أي اهتمام بمن حوله بسبب الألم والوجع، كما تدخله في حالة عزلة ويبتعد عن عالم المشاركة الاجتماعية، وتصبح نظرته متقوقعة نحو ذاته.

وتابع حديثه: "فالأوضاع السيئة التي يعيش فيها أهل غزة، والظروف المأساوية تؤثر في وضع النفسي والاجتماعي للمصاب وأهله خاصة فيما يتعلق بكيفية استقبال المريض ومدى تقبل إصابته، في ظل سوء الوضع الاقتصادي للعائلة فلن تقوى العائلة على تحمل عبء المريض، فهذه التركيبة تنظر للمصاب نظرة سخط وغضب وحالة من الوجع والألم لعدم قدرته على توفير العلاج لابنهم المصاب".

"وعلى الأسرة أن توفر نوعًا من الرعاية للمريض المصاب بتهيئة الجو المناسب له، وأجواء مستقرة وسليمة لضمان نفسية، كما على المؤسسات المعنية والأحزاب بإنشاء صندوق خاص بالجرحى والمصابين، وتوفير العلاج المناسب لهم"، وفق قول جبر.

وختم حديثه: "كما يجب توفير مشاريع تنموية وتعليم مهني خاص بهم وتناسب إصابتهم حتى لا يشعروا بأنهم أصبحوا عالة على المجتمع، كما أنه ذلك من شأنه يضمن جوًّا نفسيًّا مريحًا للمصاب.

يشار إلى أنه في آخر إحصائية صدرت عن وزارة الصحة الفلسطينية أول من أمس الجمعة، أعلنت فيها أن إجمالي عدد الإصابات بين صفوف المواطنين المشاركين في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار وصل إلى 20472 إصابة بجراح مختلفة، واختناق بقنابل الغاز المسيل للدموع منذ انطلاق مسيرات العودة في 30 مارس/ آذار من العام الجاري.