فلسطين أون لاين

​يلغي شخصيته ويعرضه للابتزاز

لا تربطي حبك لطفلك بشروط

...
غزة - مريم الشوبكي

بعض الأمهات حينما تريد من طفلها أن ينفذ طلباتها، تربطه بالحب الذي من واجبها أن تمنحه له بالفطرة، مثلا "إذا أنهيت واجبك سأحبك"، "إذا حافظت على نظافتك سأحبك"، أصبح الحب له شروط ومعايير وهو بالأصل غريزة فطرية.

تقع في هذا الفخ كثير من الأمهات، واللاتي يعتبرن أنه أسلوب حسن في التربية، وبالعكس يأتي بنتائج عكسية عليها وبه تدمر شخصية طفلها وعلاقتها به أيضًا، حيث يصبح منح الحب بالنسبة له مقابل مصلحة وشيء يساوم عليه.

مساومة

عرفت الاختصاصية النفسية ومدربة الموارد البشرية د. غادة أبو القمبز الحب المشروط بأنه مساومة الطفل على تحقيق مطالب الوالدين مقابل منحه الحب والاهتمام.

وذكرت د. أبو القمبز لـ"فلسطين" أن من أمثلة الحب المشروط إن كتبت واجبك سأحبك، إن حصلت على أعلى الدرجات سأحبك، وهنا يربط الأهل حب الطفل بشرط معين يريدان منه تحقيقه.

وأكدت أن الحب هو فطرة جبل الإنسان عليها، لذا تمنح دون مقابل وبلا شروط، وهي من أعظم القيم الإنسانية، وإذا ارتبط إعطاء الاهتمام والمحبة لطفل بمقابل يصبح الأمر متعلقًا بمصلحة وليس بغريزة فطرية، من واجب الأم والأب منحها لأطفالهم.

وأشارت د. أبو القمبز إلى أن ربط الحب بشروط ليس من أساليب التربية الحسنة، لأنه يرسخ في ذهن الطفل أن تعبير أحد عن حبه له يعني أنه يريد منه مصلحة أو مقابل.

ومن مساوئ الحب المشروط، أوضحت أن الطفل يربط بأن مشاعر الحب والاهتمام لا تعطى إلا بثمن، ويفقد الحب قيمته، كما أنه يتعود على أن لا شيء يمنح دون مقابل، كما تعلم الطفل الأنانية وحب الذات، ويمكن أن يكون أثرها عكسيًّا ويصبح الطفل عنيدًا ولا يحب تنفيذ الأوامر، ويتعود أنه لن ينفذ المطلوب منه إلا بمقابل.

ونبهت د. أبو القمبز إلى أن الطفل الذي عوده والداه على الحب بشروط، يكون عرضة للابتزاز العاطفي من قبل الأطفال الآخرين، لأنها تلغي شخصيتهم وكلمتهم ورغباته مقابل تنفيذ طلب أصدقائهم مثلا لأنهم تعودوا على فعل شيء مقابل منحهم الحب.

فطري ليس مكتسبًا

ونصحت الوالدين بمنح الحب لطفلهما دون شروط لأنه يزيد من الترابط بينهم، ويمنحه الشعور بالأمان، لذا فإن الطفل من الناحية الفسيولوجية بحاجة إلى الحب والاهتمام أكثر من الأكل والشرب، واعلما بأن الرعاية ليس لها مقابل، إنما نابعة من ذات الشخص، وهي شيء فطري وليس مكتسبًا.

وأشارت الاختصاصية النفسية إلى أن نشأة الطفل على الحب المشروط، يرسخ في شخصيته، ويعود سلبًا على والديه، حيث يستخدم معهم نفس الطريقة حينما يكبر، ويبتزهم كما كان يبتزانه، فمثلا لن أقوم بشراء الحاجيات لك إذا أعطيتني المال.

ودعت إلى استبدال الحب المشروط بـإظهار الحب للطفل من خلال القول له "أنا أحبك لأنك ابني"، أنا أحبك كما أنت، واستبدال الشرط المعنوي بالمادي، على سبيل المثال إذا أنهيت واجباتك سنلعب سويا، أي ربط الطلبات بشرط معنوي محسوس ليس من الأمور الواجبة على الأهل منحها لطفل كالحب.