فلسطين أون لاين

​"التربية المتوازنة" ثقة زيادة للفتاة

...
غزة - نسمة حمتو

تشتكي سلمى عبد الله (40 عامًا) من عدم مقدرتها على توجيه ابنتها توجيهًا صحيحًا في اختياراتها في الحياة؛ فقد نشأت هي في بيئة متواضعة جدّاً لم تتعلم فيها الصح من الخطأ، وانعكس ذلك سلباً فيما بعد على شخصيتها، وهو ما جعلها تفكر مراراً وتكراراً في القيم التي يجب أن تغرسها في ابنتها كي لا تعيش في المعاناة نفسها التي عاشت فيها سابقاً، فكيف يمكن لها أن تكون متزنة في التربية بين الشدة واللين؟

الطريقة التقليدية

الاختصاصية الاجتماعية إكرام السعايدة تقول: "تتعدد طرق تربية الأهالي للأبناء، فمنهم من يتبع الطريقة التقليدية المعتادة التي تتسم بالقسوة، فتكون البنت نسخة عن والدتها أو والدها، وهناك من يربي أبناءه تربية حديثة متزنة تساعدهم فيما بعد على اتخاذ القرارات السليمة".

وتضيف السعايدة: "الطفل شبيه أهله في السلب أو الإيجاب، وهو كالإسفنجة يكتسب كل ما يصدر من عائلته، إيجابي أو سلبي، ففي الطريقة الأولى يكون الطفل نسخة عن أهله".

وتشير الاختصاصية النفسية إلى أنه في هذه الحالات حتى لو كان الشخص يحمل درجات علمية كبيرة يبقى تفكيره محدودًا ضمن نطاق الأهل وتفكيرهم، لافتاً إلى أن هؤلاء الأشخاص قد يجبرون أبناءهم فيما بعد على اختيار الأشياء نفسها التي اختاروها.

عقلية ناضجة

هذه التربية تنطبق تماماً على شخصية الفتاة فيما بعد، فقد تكون متزنة صاحبة عقل ناضج تستطيع حل المشاكل التي تواجهها بنفسها، وعلى العكس تماماً قد تنشأ فتاة غير متزنة لا تستطيع حل مشاكلها بنفسها ومتكلة، وهذا ما ينعكس عليها فيما بعد عندما تصبح أمًّا.

وتؤكد السعايدة أن التربية التقليدية تطمس شخصية الفتاة ولا تعطيها مساحة للتعبير عن شخصيتها وكينونتها، لافتةً إلى أنه من إيجابية هذا النوع من التربية أنها تختصر الطريق على الفتاة، وتحاول تقديم بعض النصائح الجاهزة وتعمق العلاقة بين الأم وابنتها.

وتبين أنه من سلبيات هذه الطريقة أنه لا يوجد مساحة للتعبير عن آرائها ووجهة نظرها، خاصة أن متطلبات العقل تختلف من جيل إلى جيل.

التوازن في التربية

وتضيف: "أما التربية الحديثة التي تعتمد على عملية الموازنة بين احتياجات الفتاة وخبرتها في الحياة فهي طريقة إيجابية تقدم لها النصح والإرشاد؛ فعلى قدر تعزيز الثقة بالنفس يكون للفتاة شخصيتها وكينونتها".

تلفت السعايدة إلى أن من مميزات هذه التربية أيضًا خوض الحياة بشخصية مستقلة تماماً بعيدة عن تفكير الأهل، مشيرةً إلى أنه عند وقوعها ببعض المشاكل تختار الطريقة المناسبة وتستطيع الخروج بأقل الأضرار وتحقيق النتائج المرجوة.

وتؤكد أهمية الاتزان في التربية؛ فلا تلجأ الفتاة إلى أشخاص آخرين لمساعدتها على الخروج من واقعها المظلم.

احترام الفتاة

وتقول: "على الأهل أن يعلموا أن سوء التربية يؤدي إلى صعوبة احتكاك الفتاة بالعالم الآخر وربما يجعل تفكيرها محدودًا"، محذرةً من إعطاء الأم الفتاة مساحة واسعة في الجلسات النسائية، خاصة التي مضارها أكثر من إيجابياتها، فالاعتدال مطلوب حتى يوصل الفتاة إلى بر الأمان.

تختتم السعايدة حديثها: "التربية السوية تكون باحترام شخصية الفتاة وعقليتها، وعدم فرض بعض العلاقات عليها، خاصة إن كانت ترفضها، وأن تكون الأم صديقة مقربة من الابنة".