فلسطين أون لاين

​"أم فادي" سقاءة مليونية العودة

...
غزة - شيماء العمصي

مسيرات العودة منذ بدايتها لم تقتصر على مشاركة الرجال والشباب, بل كان للنساء دور فاعل ومشهود، فالخنساء الفلسطينية سجلت مواقف تحسب لها، ويقف الإنسان أمام عظمتها صاغرًا.

تتنوع أدوار خنساء غزة إلى المؤازرة والمشاركة وتقديم الدعم أنواعه كافة, لكن ما يلفت الانتباه هو تقدم الحاجة أم فادي الصفوف الأولى تحمل في يديها الماء البارد توزعه على الشباب الثائرين عند السياج الفاصل شرقي غزة.

لم يمنعها من ذلك كبر سنها ولا سطوة جنود الاحتلال، ولم يكن الرصاص الحي أو قنابل الغاز عائقًا لها, أم فادي الدرة أم لمصاب في مسيرات العودة لم تثنها إصابته عن المشاركة وتقديم العون للمشاركين، بل كانت إصابته وقودًا لها يدفعها نحو حماية زملائه الثائرين بما تستطيع.

تقول أم فادي لـ"فلسطين": "كلٌّ يعلم أنّ المسيرة سلمية، لذلك كانت مشاركة الأسر بنسائها وأطفالها على أعلى مستوى، لكن كان من المعيب في حقنا أن يصاب أشقاؤنا وآباؤنا والشبان أمامنا، ونكتفي بالمشاهدة من بعيد, وكان لابدّ للمحتل أن يعرف من المرأة والشابة الفلسطينيتان".

لماذا تشارك امرأة في مثل سنك في تلك المسيرات؟، لا مجال لديها سوى الابتسامة فقط, ثم تجيب بنبرة صمود: "للمطالبة بحق العودة"، تكمل إجابتها: "نحن شعب مضطهد، شعب لديه حقوق, شعب لديه كرامة يجب أن يستردها, نريد استعادة حقوقنا ممن سرقها رغمًا عنا, ولنا أراض سرقت بالقوة منا يجب أن نرجع إليها, لهذه الأسباب وغيرها أشارك في مسيرة العودة, ولن أتنازل أو أيأس أبدًا".

تتابع حديثها: "في بداية مشاركتي في مسيرة العودة كنت قبل صلاة الجمعة أخلط الماء بالخميرة وأضعه في زجاجات، وأتوجه عبر الحافلات إلى السياج الفاصل للمشاركة, وأكون اليد المساعدة للشباب, وأرشهم بالماء والخميرة، وأخفف تأثير الغاز المسيل للدموع عنهم".

وتضيف: "أما الآن فأحمل صندوق ماء بارد وأتوجه إلى المقدمة, بالقرب من الشباب الثائرين، وأوزع عليهم الماء, وأحتسب ذلك في ميزان حسناتي, ولكن لما يرمي جنود الاحتلال الغاز المسيل أهرع إلى خيمتي وأضع الماء وأحمل بخاخ الخميرة، وأتوجه للمصابين وأرشهم بها".

وعلى الرغم من إصابة ابنها في إحدى الجمع تصر على العودة إلى السياج الشرقي, وتكمل ما بدأته, وتساند الشباب الثائرين, "أريد الرجوع، ولن أتكاسل عن مشاركتي, وسأظل أسقي الشباب حتى آخر يوم في مسيرة العودة, وإما النصر أو الشهادة" والقول لأم فادي.

تتابع بإصرار: "المرأة الفلسطينية سند للشباب الثائرين والمجاهدين, والجهاد لا يقتصر على الرجال بل نحن جزء أساسي فيه, من قال إن النساء لا يستطعن القتال مثل الرجال؟!"، مضيفة: "لقد نشأنا على حقيقة أن المرأة هي رمز المقاومة، إذ ساعدت جداتنا دائمًا أجدادنا وحاربن معهم خلال النكبة والانتفاضة الأولى".

"شو بدي أحكي إذا حكام العرب في الدول العربية نيام, وما حد سائل علينا, بناشدهم يوقفوا معنا ويدعمونا, نحن لا نحتاج للكوبونات ولا الطحين, نحتاج إلى العودة للبلاد, أقل شيء يعملوه يدعمونا بالدعاء, الشعوب معنا ولكن من يتخاذل هم الرؤساء, ولكن الأمل في وجه الله، ونحن مستمرون في مسيرات العودة حتى تحقق تلك المسيرات مطالبها الشرعية" بهذه الكلمات تختتم أم فادي حديثها.